أيّ من إن يأتنا نعطه نكرم تهن كأنك قلت أيّهم نكرم تهن ، وتقول أيّ من يأتينا يريد صلتنا فنحدّثه ، فيستحيل في وجه ويجوز في وجه ، أما الوجه الذي يستحيل فيه فهو أن يكون يريد في موضع مريد اذا كان حالا فيه وقع الاتيان لأنه معلّق بيأتينا كما كان فيها معلّقا برأيت في أيّ من رأيت في الدار أفضل ، فكأنك قلت أيّهم فنحدثه فهذا لا يجوز في خبر ولا استفهام ، وأما الوجه الذي يجوز فيه فأن يكون يريد مبنيا على ما قبله ويكون يأتينا الصلة فان أردت ذلك كان كلاما كأنك قلت أيّهم يريد صلتنا فنحدثه وفنحدّثه إن أردت الخبر ، وأما أيّ من يأتينا فنحدّثه فهو محال لأن أيهّم فنحدّثه محال ، فان أخرجت الفاء فقلت أىّ من يأتيني نحدّثه فهو كلام في الاستفهام محال في الإخبار وتقول أيّ من إن يأته من إن يأتنا نعطه يعطه تأت يكرمك ، وذاك أن من الثانية صلتها إن يأتنا نعطه فصار بمنزلة زيد فكأنك قلت أيّ من إن يأته زيد يعطه تأت يكرمك ، فصار إن يأته زيد يعطه صلة لمن الاولى فكأنك قلت أيّهم تأت يكرمك ، فجميع ما جاز وحسن في أيهم هيهنا جاز في أي من إن يأته من إن يأتنا نعطه يعطه لأنه بمنزلة أيّهم ، وسألت الخليل عن قولهم أيّتهن فلانة وأيّهن فلانة فقال إذا قلت أي فهو بمنزلة كل لأن كلا مذكّر يقع للمذكّر والمؤنّث وهو ايضا بمنزلة بعض فاذا قلت أيّتهن فانك أردت أن تؤنّث الاسم ، كما أن بعض العرب فيما زعم الخليل يقول كلّتهن منطلقة.
[باب أي اذا كنت مستفهما بها عن نكرة]
وذلك لو أنّ رجلا قال رأيت رجلا قلت أيّا ، فان قال رأيت رجلين قلت أيّين وإن قال رأيت رجالا قلت أيّين فان ألحقت يافتى في هذا الموضع فهي على حالها قبل أن تلحق يافتى ، واذا قال رأيت امرأة قلت أيّة يافتى فان قال رأيت امرأتين قلت أيّتين يافتى ، فان قال رأيت نسوة قلت أيّات يافتى ، فان تكلّم بجميع ما ذكرنا مجرورا جررت أيّا ، وإن تكلّم به مرفوعا رفعت أيّا لأنك إنما تستفهم على ما وضع المتكلّم عليه كلامه ، قلت فاذا قال رأيت عبد الله أو مررت بعبد الله قال فانّ الكلام أن لا تقول أيّا ولكن تقول من عبد الله وأي عبد الله لا يكون اذا جئت بأي إلا الرفع ، كما أنه لا يجوز اذا قال رأيت