(١) ألا ليت شعري هل الى أمّ معمر |
|
سبيل فأمّا الصّبر عنها فلا صبرا |
وأما بنو تميم فيرفعون لما ذكرت لك فيقولون أما العلم ، فعالم كأنه قال فأنا أو فهو عالم به ، وكان إضمار هذا أحسن عندهم من أن يدخلوا فيه ما لا يجوز كما قال تعالى (يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ) أضمر فيه ، وقال الشاعر (عبد الرحمن بن حسّان) : [وافر]
(٢) ألا يا ليل ويحك نبّئينا |
|
فأمّا الجود منك فليس جود |
أي فليس لنا منك جود ، ومما ينصب من الصفات حالا كما انتصب المصدر الذي يوضع موضعه ولا يكون إلا حالا قوله أما صديقا مصافيا فليس بصديق مصاف ، وأما ظاهرا فليس بظاهر ، وأما عالما فعالم ، فهذا نصب لأنه جعله كائنا في حال علم وخارجا من حال ظهور ومصادقة ، والرفع لا يجوز هيهنا لأنك قد أضمرت صاحب الصفة ، وحيث قلت أما العلم فعالم فلم تضمر مذكورا قبل كلامك هو العلم ، وانما ذكرت صاحب العلم فمن ثمّ حسن في هذا الرفع ولم يجز الرفع في الصفة ولا يكون في الصفة الألف واللام لأنه ليس بمصدر فيكون جوابا لقوله لمه ، وانما المصدر تابع له ووضع في موضعه حالا ، واعلم أنّ ما انتصب في هذا الباب فالذي بعده أو قبله من الكلام قد عمل فيه كما عمل في الحذر ما قبله اذا قلت أكرمته حذر أن أعاب ، وكما عمل في قوله أتاه مشيا وماشيا.
[باب ما يختار فيه الرفع ويكون فيه الوجه في جميع اللغات]
وزعم يونس أنه قول أبى عمرو ، وذلك قولك أما العبيد فذو عبيد ، وأما العبد فذو عبد
__________________
(٣٠٨) الشاهد فيه نصب الصبر على المفعول له والتقدير مهما ذكرت للصبر ومن أجله فلا صبر لي ، ولو رفع بالابتداء لكان حسنا ، وكان يكون التقدير فاما الصبر عنها فلا صبر لي به أي لا أحتمله فيكون لي صبرا موجودا ومعنى البيت ظاهر من لفظه.
(٣٠٩) الشاهد فيه رفع الجود بالابتداء وخبره فيما بعده على ارادة الضمير الراجع عليه وحذفه ، والتقدير أما الجود منك فليس لنا منك به جود ، والمعنى انها لا تجود البتة يقول نبئينا بما أنت عليه من مودة أو غيرها فاما جودك فلا طمع فيه لما عهدت من بخلك.