بدلا من سبّحت كما كان مرحبا بدلا من رحبت بلادك وأهلت ، ومن العرب من يرفع فيقول سبّوح قدّوس ربّ الملائكة والرّوح كما قال أهل ذاك وصادق والله على ما سمعنا العرب تتكلّم به رفعا ونصبا ، ومثل ذلك خير ما ردّ في أهل ومال وخير ما ردّ في أهل ومال ، أجرى مجرى خير مقدم وخير مقدم ، ومما ينتصب فيه المصدر على إضمار الفعل المتروك إظهاره ولكنه في معنى التعجّب قوله كرما وصلفا كأنّه يقول ألزمك الله وأدام لك كرما وألزمت صلفا ، ولكنهم خزلوا الفعل هيهنا كما خزلوه في الأوّل لأنه صار بدلا من قولك أكرم به وأصلف به كما انتصب مرحبا وقلت لك كما قلت بك بعد مرحبا لتبيّن من تعنى وصار بدلا من اللفظ برحبت بلادك ، وسمعت أعرابيا وهو أبو مرهب يقول كرما وطول أنف أي أكرم بك وأطول بأنفك.
[باب يختار فيه أن تكون المصادر مبتدآت مبنيّا عليها ما بعدها وما أشبه]
«المصادر من الأسماء والصفات»
وذلك قولك الحمد لله والعجب لك والويل لك والتّراب لك والخيبة لك ، وإنما استحبّوا الرفع فيه لأنه صار معرفة وهو خبر فقوى في الابتداء بمنزلة عبد الله والرجل ، والذي تعلم لأنّ الابتداء إنما هو خبر ، وأحسنه اذا اجتمع معرفة ونكرة أن تبدأ بالأعرف وهو أصل الكلام ولو قلت رجل ذاهب لم يحسن حتى تعرّفه بشيء فتقول راكب من بني فلان سائر وتبيع الدار فتقول حد منها كذا وحد منها كذا فأصل الابتداء للمعرفة ، فلما أدخلت فيه الألف واللام وكان خبرا حسن الابتداء وضعف الابتداء بالنكرة إلا أن يكون فيه معنى المنصوب ، وليس كلّ حرف يصنع به ذاك كما أنه ليس كلّ حرف يدخل فيه الألف واللام من هذا الباب لو قلت السّقي لك والرّعي لك لم يجز.
واعلم أنّ الحمد لله وان ابتدأته ففيه معنى المنصوب وهو يدل من اللفظ بقولك أحمد الله ، وأمّا قوله شيء مّا جاء بك فانه يحسن وإن لم يكن على فعل مضمر لأنّ فيه معنى ما جاء بك إلا شيء ، ومثله مثل للعرب شر أهرّ ذا ناب ، وقد ابتدىء في الكلام على غير ذا المعنى وعلى غير ما فيه معنى المنصوب ، وليس بالأصل قالوا في مثل أمت في حجر