قومك كلّهم ذاهب ، أو ذكر قوم فقلت كلّهم ذاهب ، فالمبتدا بمنزلة الوصف لأنك إنما ابتدأت بعد ما ذكرت ولم تبنه على شيء فعمت به ، وقال أكلت شاة كلّ شاة حسن وأكلت شاة ضعيف لأنهم لا يعمّون هكذا فيما زعم الخليل ، وذلك أن كلهم إذا وقع موقعا يكون الاسم فيه مبينا على غيره شبّه بأجمعين أنفسهم ونفسه ، فالحق بهذه الحروف لأنها إنما توصف بها الأسماء ولا تبنى على شيء ، وذاك أن موضعها من الكلام أن يعمّ ببعضها ويؤكّد ببعضها بعد ما يذكر الاسم إلّا أن كلهم قد يجوز فيها أن تبنى على ما قبلها وان كان فيها بعض الصّعف لأنه قد يبتدأ به فهو يشبه الأسماء التي تبنى على غيرها ، وكلاهما وكلتاهما وكلهن يجرين مجرى كلهم ، وأما جميعهم فقد يكون على وجهين يوصف به المضمر والمظهر كما يوصف بكلهم ويجرى في الوصف مجراه ويكون في سائر ذلك بمنزلة عامتهم وجماعتهم يبتدأ ويبنى على غيره لأنه يكون نكرة تدخله الألف واللام وأما كلّ رجل فانما يبنيان على غيرهما لانه لا يوصف بهما والذي ذكرت لك قول الخليل ورأينا العرب توافقه بعد ما سمعنا منه.
[باب ما ينتصب لأنه قبيح أن يكون صفة]
وذلك قولك هذا راقود خلّا ، وعليه نحى سمتا وان شئت قلت راقود خلّ ، وراقود من خل وإنما فررت الى النصب في هذا الباب كما فررت الى الرفع في قولك بصحيفة طين خاتمها لأن الطين اسم وليس مما يوصف به ولكنه جوهر يضاف اليه ما كان منه فهكذا مجرى هذا وما أشبهه ، ومن قال مررت بصحيفة طين خاتمها قال هذا راقود خلّ وهذه صفّه خز وهذا قبيح أجرى على غير وجهه ، ولكنه حسن أن ببنى على لمبتدإ ويكون حالا فالحال قولك هذه جبّتك خزّا ، والمبنيّ على المبتدإ قولك جبّتّك خز ولا يكون صفة فيشبه الأسماء أخذت من الفعل ، ولكنهم جعلوه يلي ما ينصب ويرفع وما يجرّ فأجره كما أجروه فانما فعلوا به ما يفعل بالأسماء والحال مفعول فيها ، والمبنيّ على المبتدإ بمنزلة ما ارتفع بالفعل والجارّ بتلك المنزلة يجري في الاسم مجرى الرافع والناصب.