وزعم الخليل أن قوله هذا القول لا قولك إنما نصبه كنصب غير ما تقول لأنّ لا قولك في ذلك المعنى ، ألا ترى أنك تقول هذا القول لا ما تقول فهذا في موضع نصب ، واذا قلت لا قولك فهو في موضع لا ما تقول ، ومثل ذلك في الاستفهام أجدّك لا تفعل كذا وكذا كأنّه قال أحقا لا تفعل كذا وكذا وأصله من الجدّ كأنّه قال أجدّا ولكنه لا يتصرّف ولا يفارق الاضافة كما كان ذلك في لبّيك ومعاذ الله ، وأمّا غير ما تقول فلا يعرّي من أن يكون في هذا الموضع مضافا الى أمر معروف نحو لا قولك لأنّه لو قال غير قول أولا قولا لم يكن في هذا بيان لأنه ليس كلّ قول باطلا ، وانما يريد أن يحقّق الأوّل بأمر معروف ، ولو قال هذا الأمر غير قيل باطل كان حسنا لأنه قد أكّد أوّل كلامه بأمر معروف ، وقد اختصّه فصار بمنزلة قولك لا قولك حين جعله مضافا لأنه اذا قال لا قولك فجعله مضافا فقد اختصصته من جميع القول باضافتك وبأنه يسوغ أن يكون قوله باطلا ، ولا يسوغ أن يكون جميع الأقوال باطلا ، ومن ذلك قولك قد قعد البتّة ، ولا يستعمل إلا معرفة بالألف واللام كما أن جهدك وأجدّك لا يستعملان إلا معرفة بالاضافة ، وأمّا الحقّ والباطل فيكونان معرفة بالألف واللام ونكرة لانهما لم ينزلا منزلة ما لم يتمكّن من المصادر كسبحان وسعديك ولكنهم أنزلوهما منزلة الظنّ وكذلك اليقين لأنك تحقّق به ، كما تفعل ذلك بالحقّ فأنزل ما ذكرنا غير هذا بمنزلة عمرك الله وقعدك الله.
[باب ما يكون المصدر فيه توكيدا لنفسه نصبا]
وذلك قولك له عليّ ألف درهم عرفا ومثل ذلك قول الأحوص بن محمد الأنصاري : [كامل]
(١) إنّي لأمنحك الصّدود وإنّني |
|
قسما اليك مع الصّدود لأميل |
__________________
(٣٠٥) الشاهد فيه نصب قوله قسما ونصبه على المصدر المؤكد لما قبله من الكلام الدال على القسم لانه لما قال اني لأمنحك الصدود واني اليك لأميل علم انه محقق مقسم فقال قسما مؤكدا لذلك* يخاطب منزلا لمن يحبه يعتزله خوفا من عدو يرقبه وقلبه مع ذلك موكل به مائل اليه ، وقبله :
يا بيت عاتكة الذي أتعزل |
|
خوف العدا وبه الفؤاد موكل |