ألا تراهم يقولون حسبك هذا وبحسبك هذا فلا يتغيّر المعنى وجرى هذا مجراه قبل أن تدخل الباء لأن بحسبك في موضع ابتداء ، ومثل ذلك قول لبيد : [طويل]
(١) فان لم تجد من دون عدنان والدا |
|
ودون معد فلتزعك العواذل |
والجرّ الوجه ولو قلت ما زيد على قومنا ولا عندنا كان النصب ليس غير لانه لا يجوز حمله على على ، ألا ترى أنك لو قلت ولا على عندنا لم يكن لأن عندنا لا يستعمل الا ظرفا وانما أردت أن تخبر أنه ليس عندكم ، وقال أخذتنا بالجود وفوقه لانه ليس من كلامهم وبفوقه ، ومثل ـ ودون معد ـ قول الشاعر وهو كعب بن جعيل : [طويل]
(٢) ألا حيّ ندماني عمير بن عامر |
|
اذا ما تلاقينا من اليوم أو غدا |
وقال العجّاج : [رجز]
(٣) كشحا طوى من بلد مختارا |
|
من يأسة اليائس أو حذارا |
وتقول ما زيد كعمرو ولا شبيها به وما عمرو كخالد ولا مفلحا النصب في هذا جيد لانك انما تريد ما هو مثل فلان ولا مفلحا هذا معنى الكلام ، فان أردت أن تقول ولا بمنزلة من يشبهه جررت نحو قولك ما أنت كزيد ولا شبيه به فانّما أردت ولا كشبيه به ، واذا قلت ما أنت بزيد ولا قريبا منه فانه ليس ههنا معنى بالباء لم يكن قبل
__________________
(٥٢) حمل دون الآخرة على موضع الاولى لان معنى لم تجد من دون عدنان ولم تجد دون عدنان واحد* وصف أن قصارى الانسان الموت فينبغي له أن يكف عن القبيح ويتعظ بالموت فيقول انتسب الى عدنان أو معد فان لم تجد من بينك وبينهما من الآباء باقيا فاعلم أنك ستصير مصيرهم فينبغي لك أن تنزع عما أنت عليه ، ومعنى تزعك تكفك فأراد بالعواذل ما يزعه ويكفه من حوادث الدهر ورواجره فسماها عواذل على السعة والعدل اللوم.
(٥٣) استشهد به على حمل غد على موضع اليوم لان معنى تلاقينا من اليوم وتلاقينا اليوم واحد ، والندمان والنديم في البناء مثل الرحمن والرحيم.
(٥٤) استشهد به على حمل الحذار على موضع اليأسة لأن معناه يأسة اليائس وهو كالذي تقدم* وصف ثورا وحشيا أو حمارا خرج من بلد الى بلد خوفا من صائد أحس به أو يأسا من مرعى كان فيه فيقول طوى كشحه على ما نوى من النقلة مختارا لذلك يأسا منه أو حذارا ، والكشح الجنب ويقال الخصر ، ويقال لكل من أضمر شيئا ونواه طوى عليه كشحا.