البيان ، ولو جاز هذا لجاز يا رجلا ظريفا فكنت نادبا نكرة ، وانما كرهوا ذلك أنه تفاحش عندهم أن يختلطوا وأن يتفجعوا على غير معروف ، فكذلك تفاحش عندهم في المبهم لابهامه لأنك اذا ندبت نخبر أنك قد وقعت في عظيم ، وأصابك جسيم من الأمر فلا ينبغي لك أن تبهم وكذلك وا من في الداراه في القبح ، وزعم أنه لا يستقبح وا من حفر زمزماه لأن هذا معروف بعينه كأن التبيين في الندبة عذر للتفجع ، فعلى هذا جرت الندبة في كلام العرب ، ولو قلت هذا لقلت وا من لا يعنيني أمرهوه ، فاذا كان ذا ترك لأنه لا يعذر على أن يتفجع عليه فهو لا يعذر بأن يتفجع ويبهم كما لا يعذر على أن يتفجع على من لا يعنيه أمره.
[باب يكون الاسمان فيه بمنزلة اسم واحد ممطول وآخر الاسمين]
(مضموم الى الأول بالواو)
وذلك قولك وا ثلاثة وثلاثيناه ، وإن لم تندب قلت يا ثلاثة وثلاثين كأنك قلت يا ضاربا رجلا وليس هذا بمنزلة قولك يا زيد وعمرو لأنك حين قلت يا زيد وعمرو جمعت بين اسمين كلّ واحد منهما مفرد يتوهم على حياله ، واذا قلت يا ثلاثة وثلاثين فلم تفرد الثلاثة من الثلاثين لتتوهّم على حيالها ولا الثلاثين من الثلاثة ، ألا ترى أنك تقول يا زيد ويا عمرو ، ولا تقول يا ثلاثة ويا ثلاثون لأنك لم ترد أن تجعل كلّ واحد منهما على حياله فصار بمنزلة قولك ثلاثة عشر لانك لم ترد أن تفصل ثلاثة من العشرة ليتوهموها على حيالها ولزمها النصب كما لزم يا ضاربا رجلا حين طال الكلام ، وقال يا ضاربا رجلا معرفة كقولك يا ضارب ، ولكنّ التنوين انما يثبت لأنه وسط الاسم ورجلا من تمام الاسم فصار التنوين بمنزلة حرف قبل آخر الاسم ، ألا ترى أنك لو سميت رجلا خيرا منك لقلت يا خيرا منك فألزمته التنوين وهو معرفة لأنّ الراء ليست آخر الاسم ولا منتهاه فصار بمنزلة الذي اذا قلت هذا الذي فعل ، فكما أن خيرا منك لزمه التنوين وهو معرفة كذلك لزم ضاربا رجلا لأنّ الباء ليست منته الاسم ، وانما يحذف التنوين في النداء من آخر الاسم ، فلمّا لزمت التنوينة وطال الكلام