فالدّنوّ أشدّ تمكنا في الظرف من البعد ، وزعم يونس أن العرب تقول إن بدلك زيدا أي إن مكانك زيدا ، والدليل على هذا قول العرب هذا لك بدل هذا أي هذا لك مكان هذا ، وإن جعلت البدل بمنزلة البديل قلت إن بدلك زيد أي إن بديلك زيد ، وتقول إن ألفا في دراهمك بيض وإن في دراهمك ألفا بيض فهذا يجري مجرى النكرة في كان وليس لأن المخاطب يحتاج الى أن تعلمه هيهنا كما يحتاج الى أن تعلمه في قولك ما كان أحد فيها خيرا منك ، وإن شئت جعلت فيها مستقرا وجعلت البيض صفة.
واعلم أن التقديم والتأخير والعناية والاهتمام هيهنا مثله في باب كان ، ومثل ذلك قولك إن أسدا في الطريق رابضا ، وان بالطريق أسدا رابض ، وان شئت جعلت بالطريق مستقرا ثم وصفته بالرابض فهذا يجري هيهنا مجرى ما ذكرت من النكرة في باب كان.
[باب ما يكون محمولا على إنّ فيشاركه فيه الاسم الذي وليها ويكون محمولا على الابتداء]
فأما ما حمل على الابتداء فقولك إن زيدا ظريف وعمرو وإن زيدا منطلق وسعيد فعمرو وسعيد يرتفعان على وجهين فأحد الوجهين حسن والآخر ضعيف فأما الوجه الحسن فأن يكون محمولا على الابتداء لأن معنى إن زيدا منطلق زيد منطلق ، وإن دخلت توكيدا كأنه قال زيد منطلق وعمرو وفي القرآن مثله (أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) وأما الوجه الآخر الضعيف فأن يكون محمولا على الاسم المضمر في المنطلق والظريف فاذا أردت ذلك فأحسنه أن تقول منطلق هو وعمرو وإن زيدا ظريف هو وعمرو ، وإن شئت جعلت الكلام على الاول فقلت ان زيدا منطلق وعمرا ظريف فحملته على قوله عزوجل (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ) وقد رفعه قوم على قولك لو ضربت عبد الله وزيد قائم ما ضرّك أي لو ضربت عبد الله وزيد في هذه الحال ، كأنه قال ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر هذا أمره ما نفدت كلمات الله ، وقال الراجز (وهو رؤبة بن العجاج) :