الناس بكلّ مكان وعلى كل حال كما تعرف ، وان شئت قد وليت عملا فكنت أنت اياك ، وقد جرّبتك فوجدتك أنت ايّاك ، جعلت أنت صفة وجعلت ايّاك بمنزلة الظريف اذا قلت فوجدتك أنت الظريف ، والمعنى أنك أردت أن تقول وجدتك كما كنت أعرف ، وهذا كله قول الخليل سمعناه منه ، وتقول أنت أنت تكرّرها كما تقول للرجل أنت وتسكت على حدّ قوله قال الناس زيد ، وعلى هذا الحدّ تقول قد جرّبت فكنت كنت اذا كررتها توكيدا ، وان شئت جعلت كنت صفة لأنك قد تقول قد جرّبت فكنت ثم تسكت.
[باب الإضمار فيما جرى مجرى الفعل]
وذلك إنّ ولعلّ وليت وأخواتها ورويدك ورويد وعليك وهلمّ وما أشبه ذلك ، فعلامات الاضمار حالهن هنا كحالهن في الفعل لا تقوى أن تقول عليك ايّاه ولا رويد ايّاه ، لأنك قد تقدر على الهاء ، عليكه ورويده لا تقول عليك ايّاي لأنك تقدر على نى ، وحدّثني يونس أنه سمع من العرب من يقول عليكني من غير تلقين ومنهم من لا يستعمل ني ولانا في ذا الموضع استغناء بعليك بي وعليك بنا عن ني ونا وايّاي وايّانا ، ولو قلت عليك ايّاه كان هيهنا جائزا في عليك وأخواتها لأنه ليس بفعل وان شبّه به ولم تقو العلامات هيهنا كما قويت في الفعل فهي مضارعة في ذلك الأسماء.
واعلم أنه قبيح أن تقول رأيت فيها ايّاك ورأيت اليوم اياه من قبل أنك قد تجد الاضمار الذي هو سوي ايّا وذلك الكاف التي في رأيتك فيها والهاء التي في رأيته اليوم فلمّا قدروا على هذا الاضمار بعد الفعل ولم ينقض معنى ما أرادوا لو تكلّموا بأياك استغنوا بهذا عن ايّاك وايّاه ، ولو جاز هذا لجاز ضرب زيد ايّاه ، وانّ فيها ايّاك ولكنهم لمّا وجدوا انّك فيها وضربه زيد ولم ينقض ما أرادوا لو قالوا انّ فيها ايّاك وضرب زيد ايّاه استغنوا به عن ايّا ، وأمّا ما أتاني الّا أنت وما رأيت الّا ايّاك فانه لا يدخل على هذا من قبل أنه لو أخّر الّا كان الكلام محالا ولو أسقط الّا لانقلب المعنى وصار الكلام على معنى آخر.