والوالدان مبتدآن وما بعدهما مبني عليهما كأنه قال حتى يكون المولود أبواه اللّذان يهودانه وينصّرانه ومن ذلك قول الشاعر (وهو رجل من عبس) :
(١) اذا ما المرء كان أبوه عبس |
|
فحسبك ما تريد الى الكلام |
وقال آخر :
متى ما يفد كسبا يكن كلّ كسبه |
|
له مطعم من صدر يوم ومأكل |
والوجه الآخر أن تعمل يكون في الأبوين ويكون هما مبتدءا وما بعده خبرا له ، والنصب على أن تجعل هما فصلا ، واذا قلت كان زيد أنت خير منه أو كنت يومئذ أنا خير منك فليس إلّا الرفع لأنك إنما تفصل بالذي تعني به الأول اذا كان ما بعد الفصل هو الأول وكان خبره ولا يكون الفصل بما تعني به غيره ، ألا ترى أنك لو أخرجت أنت لاستحال الكلام وتغيّر المعنى ، واذا أخرجت هو من قولك كان زيد هو خيرا منك لم يفسد المعنى ، وأما اذا كان ما بعد الفصل هو الأول قلت هذا عبد الله هو خير منك وضربت عبد الله هو قائم وما شأن عبد الله هو خير منك فلا تكون هو وأخواتها فصلا فيها وفي أشباهها هيهنا ، لأن ما بعد الاسم هيهنا ليس بمنزلة ما يبنى على المبتدإ ، وانما ينتصب على أنه حال كما انتصب قائم في انظر اليه قائما ، ألا ترى أنك لا تقول هذا زيد هو القائم ولا ما شأنك أنت الظريف ، أو لا ترى أن هذا بمنزلة راكب في قولك مرّ زيد راكبا فليس هذا بالموضع الذي يحسن فيه أن يكون هو وأخواتها فصلا لأن ما بعد الأسماء هيهنا لا يفسد تركه الكلام فيكون دليلا على أنه فيما تكلمه به وإنما يكون هو فصلا في هذه الحال.
[باب لا تكون هو وأخواتها فيه فصلا]
ولكن تكون بمنزلة اسم مبتدإ وذلك قولك ما أظنّ أحدا هو خير منك وما أجعل رجلا هو أكرم منك وما إدخال رجلا هو أكرم منك فلم يجعلوه فصلا وقبله نكرة
__________________
(٥٩٣) الشاهد فيه اضمار اسم كان قبلها والجملة خبرها ولو لا ذلك لنصب أحد الاسمين بعدها ونسب الفصاحة والبلاغة الى عبس لأنه منهم ، وعبس بن بغيض من قيس عيلان والى هيهنا بمعنى من وفيها بعد لأنها ضدها والأجود أن يريد فحسبك ما تريد من الشرف الى الكلام أي مع الكلام.