عزوجل (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) وقوله تعالى (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) فانّ هذا لم يبن على الفعل ولكنه جاء على مثل قوله تعالى (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ) ثمّ قال بعد فيها كذا وكذا ، فانما وضع المثل للحديث الذي بعده ، وذكر بعد أخبار وأحاديث ، فكأنه على قوله ومن القصص مثل الجنّة أو مما يقصّ عليكم مثل الجنّة فهو محمول على هذا الاضمار ونحوه والله أعلم ، وكذلك الزّانية والزّاني كأنه لمّا قال (سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها) قال في الفرائض الزّانية والزّاني ، أو الزانية والزاني في الفرائض ، ثم قال فاجلدوا فجاء بالفعل بعد أن مضى فيهما الرفع كما قال* وقائلة خولان فانكح فتاتهم* فجاء بالفعل بعد أن عمل فيه المضمر ، وكذلك والسّارق والسّارقة ، كأنه قال وفيما فرض الله عليكم السارق والسارقة والسارق والسارقة فيما فرض عليكم فانما جاءت هذه الاشياء بعد قصص وأحاديث وحمل على نحو من هذا ، ومثل ذلك والّلذان يأتيانها منكم فآذوهما ، وقد يجري هذا في زيد وعمرو علي هذا الحدّ اذا كنت تخبر بأشياء أو توصي ثم تقول زيد أي زيد فيمن أوصي به فأحسن اليه وأكرمه ، وقد قرأ ناس والسارق والسارقة والزانية والزاني وهو في العربيّة على ما ذكرت لك من القوة ، ولكن أبت العامّة إلا القراءة بالرفع ، وانما كان الوجه في الامر والنهي النصب لأن حدّ الكلام تقديم الفعل وهو فيه أوجب اذ كان ذلك يكون في ألف الاستفهام لأنهما لا يكونان إلا بفعل ، وقبح تقديم الاسم في سائر الحروف لأنها حروف تحدث قبل الفعل وقد يصير معنى حديثهنّ الى الجزاء والجزاء لا يكون ألا خبرا وقد يكون فيهنّ الجزاء في الخبر وهي غير واجبة كحروف الجزاء فأجريت مجراها ، والأمر ليس يحدث له حرف سوى الفعل فيضارع حروف الجزاء فيقبح حذف الفعل منه كما يقبح حذف الفعل بعد حروف الجزاء ، وإنما قبح حذف الفعل واضماره بعد حروف الاستفهام لمضارعتها حروف الجزاء ، وانما قلت زيدا اضربه لأن اضربه مشغولة بالهاء والمأمور لا بدّ له من آمر والأمر والنهي لا يكونان إلا بالفعل فلم يستغن عن الاضمار اذا لم يظهر.
[باب حروف اجريت مجرى حروف الاستفهام وحروف الامر والنهي]
وهي حروف النفي شبّهوها بالف الاستفهام حيث قدّم الاسم قبل الفعل لأنهن غير