فترفع تطلع وقد حلت بينه وبين الناصبة ، ويحسن أن تقول سرت حتّى تطلع الشمس وحتى أدخلها كما يجوز أن تقول سرت الى يوم الجمعة وحتى أدخلها ، قال امرؤ القيس :
(١) سريت بهم حتّى تكلّ مطيّهم |
|
وحتّى الجياد ما يقدن بأرسان |
فهذه الآخرة هي التي ترفع ، وتقول سرت وسار حتي ندخلها كأنك قلت سرنا حتى ندخلها وتقول سرت حتّى أسمع الأذان ، هذا وجهه وحدّه النصب لأن سيرك ليس يؤدّي سمعك الأذان انما يؤدّيه الصّبح ولكنك تقول سرت حتّى أكلّ لأن الكلال يؤدّيه سيرك ، وتقول سرت حتّى أصبح لأن الإصباح لا يؤدّيه سيرك انما هي غاية طلوع الشمس.
[باب الفاء]
اعلم أن ما انتصب في باب الفاء ينتصب على إضمار أن وما لم ينتصب فانه يشرك الفعل الأول فيما دخل فيه أو يكون في موضع مبتدإ أو مبني على مبتدإ أو موضع اسم مما سوى ذلك وسنبيّن ذلك ان شاء الله ، وتقول لا تأتيني فتحدّثني لم ترد أن تدخل الآخر فيما دخل فيه الأول فتقول لا تأتيني ولا تحدّثني ولكنك لمّا حولت المعنى عن ذلك تحوّل الى الاسم كأنك قلت ليس يكون منك إتيان فحديث فلمّا أردت ذلك استحال أن تضمّ الفعل الى الاسم فأضمروا أن لأن أن مع الفعل بمنزلة الاسم فلمّا نووا أن يكون الأول بمنزلة قولهم لم يكن إتيان استحالوا أن يضمّوا الفعل اليه فلمّا أضمروا أن حسن لانه مع الفعل بمنزلة الاسم ، وأن لا تظهر هيهنا لأنه يقع فيها معان لا تكون في التمثيل كما لا يقع معنى الاستثناء في لا يكون ونحوها إلّا أن تضمر ولو لا أنك اذا قلت لم آتك صار كأنك قلت لم يكن إتيان لم يجز فأحدّثك كأنك قلت في التمثيل فحديث وهذا تمثيل ولا يتكلم به بعد لم آتك لا تقول لم آتك فحديث ، فكذلك لا تقع هذه المعاني في الفاء إلّا باضمار أن ولا يجوز إظهار أن كما لا يجوز إظهار المضمر في لا يكون ونحوها ، فاذا قلت لم آتك صار كأنك قلت لم يكن
__________________
(٦٠٩) الشاهد فيه جعل حتى الثانية غير عاملة ودخولها بعد حتى الناصبة مكررة لأنها غيرها يريد أنه يسرى بأصحابه غازيا حتى تكل المطيّ وتنقطع الخيل وتجهد فلا تحتاج الى قود.