[باب صار الفاعل فيه بمنزلة الذي فعل في المعنى وما يعمل فيه]
وذلك قولك هذا الضارب زيدا فصار في معنى هذا الذي ضرب زيدا وعمل عمله لأنّ الالف واللام منعتا الاضافة وصارتا بمنزلة التنوين ، وكذلك هذا الضارب الرّجل وهو وجه الكلام ، وقد قال قوم من العرب ترضى عربيتهم هذا الضارب الرجل شبّهوه بالحسن الوجه وإن كان ليس مثله في المعنى ولا في أحواله إلا أنّه اسم وقد يجرّ كما يجرّ وينصب أيضا كما ينصب ، وسيبيّن ذلك في بابه إن شاء الله ، وقد يشبّهون الشيء بالشيء وليس مثله في جميع أحواله وسترى ذلك في كلامهم كثيرا ، وقال المرّار الاسدى : [وافر]
(١) أنا ابن التارك البكرىّ بشر |
|
عليه الطّير ترقبه وقوعا |
سمعناه ممّن يرويه عن العرب وأجرى بشرا على مجرى المجرور لانه جعله بمنزلة ما يكفّ منه التنوين ، ومثل ذلك في الاجراء على ما قبله هو الضارب زيدا والرّجل لا يكون فيه الا النصب لانّه عمل فيهما عمل المنوّن ولا يكون هو الضارب عمرو كما لا يكون هو الحسن وجه ، ومن قال هذا الضارب الرجل قال هو الضارب الرجل وعبد الله. ومن ذلك انشاد بعض العرب قول الاعشى [كامل]
__________________
(١٥٤) الشاهد فيه اضافة التارك الى البكري تشبيها بالحسن الوجه لانه مثله في اضافته الى الالف واللام وجاز ذلك مع تقدير الانفصال وأجرى بشرا على لفظ البكري عطف بيان عليه أو بدلا منه وان لم يكن فيه الالف واللام وجاز ذلك لبعده عن الاسم المضاف ولانه تابع والتابع يجوز فيه ما لا يجوز في المتبوع وقد خولف سيبويه في جر بشر وحمله على لفظ البكري لانك لو وضعته موضعه لم يتسع لك أن تقول أنا ابن التارك بشر كما لا تقول الضارب زيد والصحيح ما أجازه سيبويه لاخذه ذلك عن العرب والعلة التي ذكرنا* وصف أن أباه صرع رجلا من بكر فوقعت عليه الطير وبه رمق فجعلت ترقب موته لتتناول منه والوقوع هيهنا جمع واقع وهو ضد الطائر ويجوز نصبه على الحال من الضمير في ترقبه ولو رفع على الخبر لجاز.