أردت أنه ليس يقول ذاك إلا زيد ولكنك قلت رأيت أو ظننت أو نحوهما لتجعل ذلك فيما رأيت وفيما ظننت ولو جعلت رأيت رؤية العين كان بمنزلة ضربت ، قال الخليل : ألا ترى أنك تقول ما رأيته يقول ذاك إلا زيد وما أظنّه يقوله إلا عمرو ، فهذا يدلك على أنك إنما انتحيت على القول ولم ترد أن تجعل عبد الله موضع فعل كضربت وقتلت ولكنه فعل بمنزلة ليس يجيء لمعنى وإنما يدل على ما في علمك وتقول أقلّ رجل يقول ذاك إلا زيد لأنه صار في معنى ما أحد فيها إلا زيد ، وتقول قلّ رجل يقول ذاك إلا زيد فليس زيد بدلا من الرجل في قلّ ولكنّ قلّ رجل في موضع أقلّ رجل ومعناه كمعناه وأقلّ رجل مبتدء مبني عليه والمستثنى بدل منه لأنك تدخله في شيء يخرج منه من سواه ، وكذلك أقلّ من يقول ذلك وقلّ من يقول ذاك اذا جعلت من بمنزلة رجل حدّثنا بذلك يونس عن العرب يجعلونه نكرة ، كما قال (وهو أمية بن أبي الصلت) :
(١) ربّ ما تكره النّفوس من الأمر |
|
فرجة كحلّ العقال |
فجعل ما نكرة.
[باب ما حمل على موضع العامل في الاسم والاسم]
لا على ما عمل في الاسم ولكن الاسم وما عمل فيه موضع اسم مرفوع أو منصوب ، وذلك قولك ما أتاني من أحد إلا زيد وما رأيت من أحد إلا زيدا ، وإنما منعك أن تحمل الكلام على من أنه خلف أن تقول ما أتاني إلا من زيد ، فلمّا كان كذلك حمله على الموضع فجعله بدلا منه كأنه قال ما أتاني أحد إلّا فلان لأنّ معنى ما أتاني أحد وما أتاني من أحد واحد ولكنّ من دخلت هيهنا توكيدا كما تدخل الباء في قولك كفى بالشيب والإسلام وفي ما أنت بفاعل ، ومثل ذلك ما أنت بشيء إلا شيء
__________________
(٥٤١) استشهد به على أن ما نكرة بتأويل شيء ولذلك دخلت عليها رب لأنها لا تعمل إلا في نكرة ولا تكون ما هيهنا كافة لأن في تكره ضميرا عائدا عليها في النية لا يضمر إلا الاسم ، وكذلك الضمير له عائدا عليها ايضا.