ترى انك تقول رايت زيدا هو خيرا منك ، وقال الله عزوجل (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ) وإنما يكون الفصل في الأفعال التي الأسماء بعدها بمنزلتها في الابتداء ، فأما ضربت وقتلت ونحوهما فانّ الاسماء بعدها بمنزلة المبني على المبتدإ وإنما تذكر قائما بعد ما يستغني الكلام ويكتفى ، وينتصب على انه حال فصار هذا كقولك رايته إياه يوم الجمعة ، فأما نفسه حين قلت رايته إيّاه نفسه فوصف بمنزلة هو وايّاه بدل وانما ذكرتهما توكيدا كقوله عزوجل (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ) إلّا أنّ ايّاه بدل والنفس وصف كأنك قلت رايت الرجل زيدا نفسه وزيد بدل ونفسه على الاسم وانما ذكرت هذا للتمثيل ، وانما كان البدل بعيدا في أظنّ ونحوها لأنه موضع يلزم فيه الخبر وهو الزم له من التوكيد لأنه لا يجد منه بدّا ، وانما فصل لأنك اذا قلت كان زيد الظريف فقد يجوز ان تريد بالظريف نعتا لزيد فاذا جئت بهو أعلمت انها متضمّنة للخبر ، وانما فصل لما لا بدّ له منه ، ونفسه يجزىء من إيّاكما تجزىء منه الصفة لأنك جئت بها توكيدا وتوضيحا فصارت كالصفة ويدلك على بعده أنك لا تقول إنّك أنت إيّاك خير منه ، فان قلت أظنّه خيرا منه جاز أن تقول إيّاه لأنّ هذا ليس موضع فصل واستغنى الكلام فصار كأنه قال ضربته إياه ، وكان الخليل يقول هي عربية إنك إياك خير منه فاذا قلت إنك فيها إيّاك فهو مثل أظنّه خيرا منه يجوز أن تقول إيّاك ونظير إيا في الرفع أنت وأخواتها.
واعلم أنه في الفعل أقوى منه في إن وأخواتها ، ويدلّك على أنّ الفصل كالصفة أنه لا يستقيم أظنّه هو إياه خيرا منك فاذا ثبت احدهما سقط الآخر لأنّ أحدهما يجزىء من الآخر لأنّ الفصل هو كالصفة والصفة كالفصل وكذلك أظنّه إياه هو خيرا منه لأنّ الفصل يجزىء من التوكيد والتوكيد منه.
[باب ما يكون فيه هو وانت وانا ونحن واخواتهنّ فصلا]
اعلم أنهنّ لا يكنّ فصلا إلا في الفعل ولا تكون كذلك إلا في كلّ فعل الاسم بعده بمنزلته في حال الابتداء واحتياجه الى ما بعده كاحتياجه اليه في الابتداء فجاز هذا في هذه