وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ) ولو رفع الصابرين على أوّل الكلام كان جيّدا ، ولو ابتدأته فرفعته على الابتداء كان جيدا كما ابتدأت في قوله (وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ) ونظير هذا النصب من الشعر قول الخرنق :
لا يبعدن قومي الذين هم |
|
سمّ العداة وآفة الجزر (١) |
النّازلين بكلّ معترك |
|
والطيّبون معاقد الأزر |
فرفع الطيّبين كرفع المؤتين ، ومثل هذا في الابتداء قول ابن خيّاط العكليّ : [بسيط]
(٢) وكلّ قوم أطاعوا أمر مرشدهم |
|
الا نميرا أطاعت أمر غاويها |
الظّاعنين ولمّا يظعنوا أحدا |
|
والقائلون لمن دار نخليّها |
وزعم يونس أنّ من العرب من يقول ، النازلون بكلّ معترك والطيّين ، فهذا مثل والصّابرين ومن العرب من يقول الظاعنون والقائلين فنصبه كنصب الطيّبين إلا أنّ هذا شتم لهم وذمّ كما أنّ الطيبين مدح لهم وتعظيم ، وان شئت أجريت هذا كلّه على الاسم الأوّل وان شئت ابتدأته جميعا فكان مرفوعا على الابتداء كلّ هذا جائز في ذين البيتين وما أشبههما كلّ ذلك واسع ، وزعم عيسي أنه سمع ذا الرّمة ينشد هذا البيت نصبا : [طويل]
__________________
(١) تقدم شرحه في ص ٢٨٦ رقم ٣٦١.
(٣٦٣) الشاهد في نصب الظاعنين باضمار فعل ورفع القائلين على اضمار مبتدأ لما قصد من معنى الذم ، ولو أراد التحلية والوصف لأجراه على ما قبله نعتا ، والقول فيه كالقول في الذي قبله ونمير قبيلة من بني عامر وغاويها بمعنى مغويها فبناه على فاعل لما أراد من معنى النسب ولم يجره على الفعل ، كما قالوا هم ناصب أي منصب ، ويجوز أن يريد الغاوي في نفسه لأنه اذا أطيع فقد أغوى مطيعه ، وقول الظاعنين ولما يظعنوا أحدا أي يخافون من عدوهم لقلتهم وذلهم فيظعنون ولا يخاف منهم عدوهم فيظعن عن دار خوفا منهم ، وقوله لمن دار نخليها أي اذا ظعنوا عن دار لم يعرفوا من يحلها بعدهم لخوفهم من جميع القبائل.