لا يتصلون بأحد من أصحابهم ، فقال : اتركوهم ولا تتعرضوا لهم ، فكان صفر وأصحابه المذكورون يقاتلون الكوت والباشة في خشبة ساكت لا يبدي ولا يعيد ، وعنده من الخوف ما لا مزيد عليه ، فبعد أرسل إلى الخواجا صفر بأن يعطيه معالمه يدلونه الطريق إلى بندر دابول يلاقي تجهيز الإفرنج فإنهم ذكروا إنه مائة وخمسين قطعة فوصله ، فتوهّم الخواجا صفر أنه صادق وأنه ملاقي التجهيز فأعطاه معالمه وقبل لا (١) يطّلع المعالمة رأى خمسة عشر غرابا صغارا صارية في البحر فتحقّقوا أنها أول التجهيز ، فطلع معالمة صفر وظن صفر وأهل الديو ، والعسكر انه ملاقيهم لا محالة وطلع معه الأربعمائة الرّومي الذين كانوا عنده ، فلما كان اللّيل نزل المعالمة إلى البلاد ، وأرسل إلى جميع الأمراء الذين معه في الخشب ، وقال لهم : إنا عزمنا على الرجوع على بركة الله إلى برّ العرب ، ورأيت المصلحة في ذلك ، فقال له بعض الأمراء : هذا ما يجمل بنا وبك عند السلطان سليمان ، فقال هذا مرسوم عندي بأن الأمر أمري أنظر بعين المصلحة ، وعندي المصلحة في الرجوع فصرا وصروا الخشب الجميع إلى بر عرب ، وكان أرسل الأمير فرحات شوباصي المذكور أولا إلى السّلطان محمود صاحب كجرات بهدية فالسلطان في جمع هدية له قبيل هديته يريد يرسلها إليه ، فعزم وترك فرحات عند السلطان محمود ، وقد قال له الخواجا صفر : قفوا عشرة أيام فإن الكوت مستأخذ ، فما أجابوه إلا أنهم ملاقين التجهيز أو خيول ، وأمروه بأخذ المدافع الذي خرجوها من مظفر آباد فكانت مدة إقامتهم بالهند نحو شهرين ، ورجعوا خائبين وأصل التّجريدة كلها ثلاثة وستين منها خمس برش كبار والبواقي غربان وتشحن غرابين منها في بندر الشحر والبواقي سالمات وباقي الكلام قد تقدم ، وحج الباشة وسار من طريق البر وسفر الغربان إلى جدة وإلى السويس ، ودخل جدة ومكة وأخذ جملة أموال من اتجارها (٢) وأمر
__________________
(١) لا : هنا زائدة وهي من الصيغ العامية في الكلام عندهم تقابلها في الفصحى الجملة الآتية «وقبل أن يطلع المعالمة» الخ.
(٢) كذا لعل صوابه : تجارها.