والعالم المعول عليه واحتاج الناس إلى علمه وقصدوه بالفتاوى من النّواحي البعيدة رحمهالله تعالى لكنه قد يتساهل في الفتاوى ، ويترك المراجعة لا سيّما في أواخر عمره ، فاختلفت أجوبته وتناقضت فتاواه ، وكان ذلك مما عيب عليه والله أعلم.
وفيها (١) توفي الشيخ الصالح شهاب الدين أحمد بن علي الحلبي تلميذ سيدنا الشيخ أبو بكر بن عبد الله العيدروس وأخذ عنه وتخرج به واختصّ بنظره ، وكان مكث في ملازمته نحو من عشرين سنة ، ثم أمره بالدخول إلى الهند والإقامة بها فدخلها ، وأخذ عنه جماعة كثيرون ، وانتفع به خلائق لا تحصى ، وكان قبل دخوله في هذه الطريق من أعيان التجار فآثر زيّ الفقراء ، وترك ما كان عليه من أسباب التجارة ، وكان حسن الخط حكي أنه كان بمكة وكان يتعانى تعلم الخط فلقيه رجل بالمسعى ، وقال له : إذهب فقد أعطيناك الخط [والحظ] ، قال : فلما لقيت الشيخ أبا بكر وتلمذت له ، قال لي : تذكر ما قال ذلك الشخص وتدري من هو وما عنى بذلك ، فالرجل أبو العباس الخضر وما أشار إليه من الحظ فهو نحن نفع الله به.
وفيها يوم الأربعاء والعشرين من شهر رجب : توصلوا أربعة غربان أروام فيها نحو مائة رجع منها واحد إلى عدن وبقوا ثلاثة ، والسلطان بدر بريدة المشقاص لأنه سار يوم الأحد ضحى والأروام توصلوا يوم الأربعاء وما سار حتى علم بهم في المكلا واستقوا واستخلصوا المجيمر (٢) بالمكلا ، ثم مروا بالشحر وإلى المشقاص فدخلوا حيريج ، ووقع بينهم وبين أهل حيريج محاربة وكان فيها ربعين بن عفرار وعبود بن خردان ، ثم صروا إلى قشن وطلبوا منهم قطعة مثل صاحب الشحر فامتنعوا فأحربوه وضاربوه ، وذلك بعد تقدم الهدية والسّقاء فلما خالفوا عليه رجع إلى جهة
__________________
(١) النور السافر : ٢١٤.
(٢) كذا وفي العدة «الحيمر». ولعله موضع بالمكلا.