سنة ثمان وتسعمائة
فيها لأربع خلت من شهر ربيع الثاني : توفي الشيخ الإمام العلامة الورع الولي الزاهد بقية السلف عمدة الخلف القاضي الفقيه عفيف الدين عبد الله بن محمد بن حسن بن أحمد بن عبسين (١) الشافعي بالشحر ودفن بتربة الشيخ فضل بن عبد الله بافضل ، وحزن الناس لفقده وتأسّفوا عليه كثيرا ، نشأ من صغره في العبادة والطاعة ، وظهرت عليه من حينئذ لوائح السعادة ، واشتغل بالعلم فبرع وسلك طريق التدقيق فيه ، فلحق من قبله وفات من بعده ، وتصدر في الشحر للفتوى والتّدريس وتخرج به الطلبة وانتفعوا به كثيرا ، وكان سيدا شريف النفس كريما سخيا مفضالا وصولا للطّلبة كثير الإحسان إليهم ، وكان يجتهد في جمعهم وترغيبهم للّطلب ويسعى لهم في الرزق باذلا لهم حسن التعليم لين الجانب في غاية التّواضع ، وكان متقشفا في ملبسه طارحا للتكلف آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ، ينكر على الملوك والأمراء فمن دونهم ، ساعيا في قضاء حوائج المسلمين ، ولا يتأخر بردّ من رده ، ولا يكون ذلك منفرا له من العود إلى الشفاعة مرة أخرى ، ومن فضائله المشهورة ومناقبه المذكورة ، سعيه في إخراج وقف الجامع الذي على التّدريس والدّرسة وغيرهم من يد الدّولة بعد أن استولوا عليه مدة ، وكاد أن ينطمس ويندرس ، ومن ذلك إنه كان
__________________
(١) النور السافر : ٤٣ في حوادث سنة ٩٠٧ والسناء الباهر : ٦٢ والنفحات المسكية : ٥٩ (خ).