المذكور كان يتولىّ خدمته بنفسه في بعض الأحيان ، وبعد ذلك لما حصل على السلطان أكبر ما حصل من سبق الشقا والعياذ بالله ، امتحن العلماء وأهل الإيمان فثبت صاحب الترجمه رحمهالله في الدّين وصبر على الامتحان ، حتى كان بذلك مشهورا ، وأضحى به مذكورا مشكورا ، وحكي إن السلطان يرسل إليه وهو في السجن وقد عذب بأنواع العذاب : أن أترك ما أنت عليه من الصلابة في الدين وتكون كما كنت في أوج العظمة ، فرد عند ذلك من الجواب ما يزداد به غيظ السلطان عليه ، وحكي أن السلطان أمر بعض الكفار أن يقتله فمكث زمانا يحاول ذلك وما يصل إليه إلّا ويجده في صلاة أو تلاوة ، فتوقف في ذلك عن قتله ، وقال للسلطان : أمرك مطاع ولو أمرتني بقتل مائة نفس من مشايخنا يعني الكفار لفعلت ، وأما هذا المسلم فما قط جئت لقتله إلّا وجدته مشغولا بطاعة ربه وأنا أتحاشى عنه لذلك فاعذرني ، وقرب إليه كأس فيه سم فأبى أن يتناوله وقال أنا أعلم بالذي فيه ولا أعين على قتل نفسي أي للمحذور في ذلك من جهة الدين ، ثم إن السلطان بعد ذلك أمر بخنقه رحمهالله ففعل به ذلك ، ومات ، وكان ذلك ليلة اثنتى عشرة من ربيع الأول ، وهي ليلة المولد الشريف ، فلقد أبقى رحمهالله ذكرا جميلا وثبت ثباتا عظيما قل أن يتّفق مثله إلّا لمن وفقه الله ، أعاد الله علينا من بركاته آمين.
وفيها (١) يوم عاشورا : توفي السيد الشّريف سلطان مكة أبو نمي محمد بن بركات رحمهالله تعالى ولبعض فضلاء مكة في تاريخ وفاته :
يا من به طبنا وطاب الوجود |
|
قد كنت بدرا في سما السعود |
ما صرت في الترب ولكنما |
|
أسكنك المولى جنان الخلود |
وكان مولده سنة عشر وتسعمائة.
وفيها (٢) : تاسع صفر توفي السّيد الشريف الفاضل القاضي حسين
__________________
(١) النور السافر : ٣٣٩. وخلاصة الكلام : ٥٥.
(٢) النور السافر : ٣٤٠ وفي هذه الترجمة زيادات لا توجد في المطبوعة.