بالإستقامة التامة مع كثرة العبادة ودوام الاجتهاد ، وكان مع جلالة قدره وعظيم جاهه ، كثير التواضع بحيث ينسبونه إلى الإفراط فيه ويميل إلى الخمول الكلي ، وكان له كرامات عديدة وأحوال سديدة وأوصاف حميدة ، وبالجملة ، فإنه بقية الشيوخ الذين يقتدى بآثارهم ويهتدي بأنوارهم ولو أطنبت كل الأطناب وأسهبت غاية الأسهاب وأتيت بكل عجاب لعجزت عن وصف شأنه العظيم وقصرت عن الإحاطه بقدره الجليل ، ولله در القائل :
ما في علاه مقالة لمخالف |
|
فمسائل الإجماع فيه تسطر |
رحمهالله وأعاد علينا من بركاته آمين.
قلت : وأخبرني بعض الأصحاب أن ولادته كانت في سنة ست وعشرين وتسعمائة فعلى هذا يكون عمره ستا وسبعين سنة رحمهالله ونفعنا به آمين ، وخلف بعده في مقامه سيدنا الشيخ الكبير العالم العارف المحققّ شهاب الدنيا والدين أحمد بن عمر بن عبد الله العيدروس رحمهالله تعالى ، وكان قد جمله الله بعقل كامل وزينة بفضل شامل له أخلاق ألطف من نسيم السحر وأوصافا كالمسك إذا انتشر وعلم فائض زخّار ، وفضل يتدفق تدفق الأنهار ، قد زاحم في الفضل من تقدم ، وارتقى فيه إلى المحل الأقوم فصار ممن يشار إليه بالأصابع وممن يعول على رأيه في الأمر الشاسع ومقروءاته كثيرة خصوصا على والده ، وكان أعظم من والده في إيثار الخمول والتواضع.
وفيها (١) : ليلة الأحد سابع عشر ربيع الثاني ، توفي الشيخ الكبير جمال الدين محمد بن علي الحشيبري بأحمد أباد رحمهالله تعالى ، وكان من المشايخ المشهورين ، ورزق القبول في حركاته وسكناته ، وحصلت له شهرة عظيمة ورويت عند كرامات ولا يقدح في جلالته ذم بعض الناس له وتنقصهم إياه بحسب ما يظهر لهم من أموره من غير نظر إلى خصوصيّته ،
__________________
(١) النور السافر : ٤١٢.