القراد (١) أحمد بن إبراهيم غزا الحبشة ، وأنه استفتح منها مدنا عظيمة وجهات واسعة والتقى هو والحطى ، فهزم الله الحطى ، ولم يزل مهزوما مخذولا ، والقراد في أثره يستفتح المدائن ويقتل وياسر حتى التجأ الحطى إلى جبال هناك في مفازة ، وقيل أنه ركب البحر والتجأ إلى جزائر هناك ، وصارت الحبشة أو غالبها في أيدي المسلمين بحمد الله ، ولم يعهد مثل ذلك فيما بلغنا ولله الحمد والمنة.
وفي : شهر جمادى الأولى وقع في جهة الشحر وحضرموت والكسر ودوعن برد عظيم بإسكان الرّاء ما يعهد مثله منذ زمن طويل ، حتى أن المياه في الكسر (٢) والهجرين جمدت في البرك والحياض والحباب ، وتلف غالب الزرع بحضرموت والكسر وغيرهما.
وفي ليلة الثلاثاء مستهل جمادى الأخرى : قبض السلطان بدر على محمد بن علي بن فارس وقيده فتحشموا فيه الشّنافر والعوامر من آل عبد العزيز لأنهم كانوا ضمناء في الصلح بينه وبين السّلطان ، فأما الشنافر فدخلوا السور عند آل عامر ، وأما العوامر فبقوا بجعيمة منتظرين وصول حطاب من نواحي ظفار ، وهو شيخهم ، وأما السلطان بدر فإنه عزم إلى هينن للصّياله على بلدان آل عامر ، وندب إلى آل جابر للمسير معه فلم يجيبوه ، ويقال أنهم بينهم وبينه وبين نهد صلح لم تنقض مدته حينئذ ، وذلك بعد أن أباحهم السلطان زروع نواحي شبام والغريب وموشح (٣) يرعونها مواشيهم ، رجاء أن يجيبوه إلى الصيالة معه فلم يجيبوه لما ذكرناه.
وفي (٤) أثناء هذا الشهر : وصل خبر بأن الشّيخ عثمان بن أحمد العمودي صاحب قيدون وما إليهما اختلف هو ونهد وعدّلوا له الهجرين ،
__________________
(١) فتوح الحبشة : ٦ «الجراد» بالجيم المعجمة ولعله لقب لملوكهم.
(٢) الكسر : في وسط حضرموت جهة واسعة أنظر «أدام القوت : ١٠١».
(٣) موشح : قرية سيأتي ذكرها في آخر الكتاب في معجم البلدان.
(٤) العدة ١ : ١٧١.