يا موسى (١) .
وعن الباقر عليهالسلام : « فأقبل نحو النار يقتبس ، فإذا شجرة ونار تلتهب عليها ، فلمّا ذهب نحو النار يقتبس منها أهوت إليه ففزع [ منها ] وعدا ، ورجعت النّار إلى الشجرة ، فالتفت إليها وقد رجعت إلى الشجرة ، فرجع الثانية ليقتبس ، فأهوت إليه فعدا وتركها ، ثمّ التفت وقد رجعت إلى الشجرة ، فرجع إليها الثالثة فأهوت إليه فعدا ولم يعقّب ، أي لم يرجع ، فناداه الله عزوجل » الخبر (٢) .
روي أنّه لمّا نودي موسى عليهالسلام قال عليهالسلام : من المتكلّم ؟ فقال الله عزوجل : ﴿إِنِّي أَنَا رَبُّكَ﴾ فوسوس إليه إبليس : لعلّك تسمع كلام الشيطان ، فقال عليهالسلام : أنا عرفت أنّه كلام الله تعالى بأنّي أسمعه من جميع الجهات بجميع الأعضاء (٣) .
قيل : تلقّى موسى عليهالسلام كلام ربّه تلقّيا روحانيا ، ثمّ تمثّل ذلك الكلام لبدنه ، وانتقل إلى الحسّ المشترك ، فانتقش به من غير اختصاص بعضو وجهة (٤) .
ثمّ قال : ﴿فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ﴾ من رجليك ﴿إِنَّكَ﴾ تكون ﴿بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ﴾ المطهّر من كلّ دنس وسوء ، اسمه ﴿طُوىً﴾ وقيل : طوى كثنى لفظا ومعنا ، والمعنى نودي مرّتين ، أو المقدّس قدّس مرّة بعد اخرى (٥) .
وعن ابن عبّاس : يعني الوادي المقدّس الذي طويته (٦) .
في تأويل قوله تعالى : ﴿فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ﴾
روي أنّه عليهالسلام خلعهما وألقاهما وراء الوادي (٧) . وإنّما أمر بالحفوة لأنّها ادخل في التواضع وحسن الأدب ، أو لتعظيم الوادي ، أو ليباشر الوادي بقدميه تبرّكا به.
وقيل : لكون نعليه من جلد حمار غير مذبوح ، روته العامة عن أمير المؤمنين عليهالسلام وجمع من المفسّرين (٨) .
وعن الصادق عليهالسلام قال : « إنّه امر بخلعهما لأنّهما كانتا من جلد حمار ميّت » (٩) .
وقيل : خلع النعلين كناية عن تفريغ القلب من حبّ الأهل والمال (١٠) .
وعن القائم عليهالسلام - في حديث - قيل له : أخبرني يا [ ابن ] رسول الله عن أمر الله لنبيّه موسى عليهالسلام ﴿فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً﴾ فإنّ فقهاء الفريقين يزعمون أنّها كانت من إهاب الميتة ؟
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٢ : ١٦. (٢) تفسير القمي ٢ : ١٤٠ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٠١.
(٣ و٤) تفسير أبي السعود ٦ : ٧.
(٥) تفسير الرازي ٢٢ : ١٨ ، تفسير أبي السعود ٦ : ٧.
(٦) تفسير الرازي ٢٢ : ١٨.
(٧) تفسير أبي السعود ٦ : ٧ ، تفسير روح البيان ٥ : ٣٧١.
(٨) مجمع البيان ٧ : ١٠ ، جوامع الجامع : ٢٨٠ ، تفسير الرازي ٢٢ : ١٧ ، تفسير ابن كثير ٣ : ١٥١ ، الدر المنثور ٥ : ٥٥٨.
(٩) تفسير القمي ٢ : ٦٠ ، علل الشرائع : ٦٦ / ١ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٠١.
(١٠) تفسير أبي السعود : ٦ : ٧.