في تفسير سورة مريم
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿كهيعص * ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا * قالَ رَبِّ
إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا *
وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا
* يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (١) و (٦)﴾
ثمّ لمّا ختمت سورة الكهف التي فيها بيان الرحمة الخاصّة على أصحاب الكهف بقوله : ﴿يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ﴾ وعلى الخضر بقوله : ﴿آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا﴾ وعلى ذي القرنين بقوله :
﴿هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي﴾ وإظهار قدرته الكاملة في قصّة أصحاب الكهف وسائر القصص ، وفيها إثبات النبوّة والمعاد ، ثمّ ختمها بتهديد المشركين وتبشير المؤمنين ، أردفت بسورة مريم التي فيها بيان رحمته الخاصّة على زكريا ومريم وكثير من الأنبياء ، وإظهار قدرته الكاملة في ولادة يحيى وعيسى وإثبات النبوّة والمعاد ، ثمّ ختمها بما ختم به السورة السابقة ، فابتدأها بذكر أسمائه بقوله : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.﴾
ثمّ افتتحها بالحروف المقطّعة بقوله : ﴿كهيعص﴾ جلبا لتوجّه الناس إلى المطالب التّي بعدها ، وقد سبق تأويلها في طرفة بيان المتشابهات (١) .
وقيل : إنّها اسم هذه السورة (٢) التي فيها ﴿ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا﴾ بن أرزين (٣) بن رجعيم بن سليمان بن داود ، من سبط يهودا ، على ما قيل (٤) .
وقيل : إنّه من ولد هارون أخي موسى ، وهما من سبط لاوي (٥) .
__________________
(١) راجع : الطرفة (١٨) من مقدمة المؤلف.
(٢) تفسير روح البيان ٥ : ٣١٢.
(٣) في تفسير روح البيان : آزر.
(٤ و٥) تفسير روح البيان ٥ : ٣١٣.