صائغا ، فلمّا ذهب موسى عليهالسلام إلى الطّور جاء إلى هارون وقال : إنّ عند بني إسرائيل من زينة القبط حيث استعاروها منهم ولم يردّوها ويتصرّفون فيها ، وهو حرام عليهم ، فأمرهم أن يأتوا بها وأحرقها ، فأمر هارون بني إسرائيل بأن يأتوا بما عندهم من زينة القبط ، فأتوا بها ، فحفر هارون حفرة فألقاها فيها ، فأوقد عليها النّار ، فلمّا رأى السامريّ أنّها ذابت ، أتى بقالب فصبّ فيه ذلك الذّهب المذاب ، فأخرج منه صورة عجل ، ثمّ ذرّ فيه من تراب أخذه من تحت حافر رمكة جبرئيل ، فحيي العجل وخار ، ثمّ قال لبني إسرائيل : هذا إلهكم وإله موسى (١) .
وعن ابن عباس : كان السامريّ علجا من أهل كرمان وقع إلى مصر ، وكان من قوم يعبدون البقر(٢) .
وفي رواية اخرى عنه : أنّه كان رجلا من القبط جارا لموسى عليهالسلام ثمّ آمن به (٣) . والأكثرون على أنّه كان من عظماء بني إسرائيل من قبيلة يقال لها السامرة (٤) .
﴿فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَ لَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً
أَ فَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ
مَوْعِدِي * قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ
فَقَذَفْناها فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (٨٦) و (٨٧)﴾
قيل : إنّ الله أخبر موسى عليهالسلام عن الفتنة المترقبة بلفظ الموجودة [ الكائنة ] على عادته (٥)﴿فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ﴾ بعد استيفائه الأربعين وأخذه التوراة حال كونه ﴿غَضْبانَ﴾ عليهم ﴿أَسِفاً﴾ شديد الحزن على عصيانهم.
قيل : رآهم مجتمعين على العجل يضربون الدّفوف ويرقصون حوله فعاتبهم (٦) و﴿قالَ﴾ توبيخا: ﴿يا قَوْمِ أَ لَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً﴾ وصدقا نافعا بأن يعطيكم التوراة التي فيها هدى ونور ، ولا وعد أحسن من ذلك.
وقيل : إنّه الوعد بالثواب على الطاعة (٧) .
وقيل : إنّه العهد على أن لا يطغوا فيما رزقهم (٨) .
﴿أَ فَطالَ﴾ قيل : أن أوعدكم فطال ﴿عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ﴾ وزمان الإنجاز فأخطأتم بسببه ؟ (٩) أو العهد بنعم
__________________
(١) تفسير روح البيان ٥ : ٤١٤.
(٢-٤) تفسير الرازي ٢٢ : ١٠١.
(٥) تفسير الرازي ٢٢ : ١٠١.
(٦) تفسير روح البيان ٥ : ٤١٥.
(٧ و٨) تفسير الرازي ٢٢ : ١٠٢.
(٩) تفسير أبي السعود ٦ : ٣٥ ، تفسير روح البيان ٥ : ٤١٥.