عندك فأمطر علينا حجارة ، فضربت عنقه بدعائه ، والقائلون لرسول الله صلىاللهعليهوآله : آتنا بعذاب الله ، أو متى هذا الوعد إن كنت من الصادقين ؟ (١)
وقيل : هو الذي يلعن نفسه وأهله وولده عند الغضب (٢) .
وروت العامة أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله دفع إلى سودة بنت زمعة أسيرا ، فأقبل يئنّ بالليل ، فقالت له سودة: مالك تئنّ ؟ فشكا ألم القيد ، فأرخت له من كتافه ، فلمّا نامت أخرج يده وهرب ، فلمّا أصبح النبيّ صلىاللهعليهوآله دعا به ، فاعلم بشأنه ، فقال : « اللهمّ اقطع يدها » ، فرفعت سودة يدها تتوقّع أن يقطع الله يدها بدعائه صلىاللهعليهوآله ، فقال النبيّ : « إنّي سألت الله أن يجعل دعائي على من لا يستحقّ عذابا من أهلي رحمة ، لأنّي بشر أغضب كما تغضبون ، فلتردّ سودة يدها » (٣) . هذا ما رواه بعض المفسرين ، وفيه ما لا يخفى من منافاته لغاية حلمه وعصمته.
وقيل : إنّ المراد بالانسان العجول هو آدم (٤) . روى بعض العامة أنّه لمّا انتهت الروح إلى سرّة آدم ، نظر إلى جسده فأعجبه ، فذهب لينهض فلم يقدر ، فهو قوله : ﴿وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً﴾(٥) .
وعن الصادق عليهالسلام : « قال : لمّا خلق الله آدم ونفخ فيه من روحه ، وثب ليقوم قبل أن يستتمّ خلقه فسقط ، فقال الله عزوجل : ﴿وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً﴾(٦) .
﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا
فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ
تَفْصِيلاً (١٢)﴾
ثمّ لمّا مدح الله التوراة والقرآن بكونهما هدى شبّههما في تعاقبهما وأفضلية القرآن على التوراة وأنفعيته منها ، وكونه ناسخا لها بالليل والنهار ، بقوله : ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ﴾ بسبب تعاقبهما واختلافهما طولا وقصرا ﴿آيَتَيْنِ﴾ ودليلين على وجود الصانع القادر الحكيم للعالم ، يهتدي المتأمّل فيهما إلى معارف الله وكمال قدرته وحكمته ، فكأنّه سبحانه قال : جعلنا التوراة والقرآن آيتين على الحقّ والصواب ، ثمّ نسخنا التوراة بالقرآن الذي هو أفضل وأنفع ، كما جعلنا الليل والنهار آيتين على وجود الصانع الواحد القديم ﴿فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ﴾ وأذهبناها بضوء النهار ، كما نسخنا التوراة بنزول القرآن الذي هو كضوء النهار ﴿وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً﴾ ومضيئة يرى بضوئها كلّ شيء
__________________
( ١ و٢ و٣ ) تفسير الرازي ٢٠ : ١٦٢.
(٤ و٥) تفسير الرازي ٢٠ : ١٦٣.
(٦) تفسير العياشي ٣ : ٤٠ / ٢٤٧١ ، تفسير الصافي ٣ : ١٨١.