ما عدا عورتها كسائر المحارم ، ولا نقول به ، بل نقول بجواز نظره إلى شعرها وساقها ، وما في ( المسالك ) من جواز نظر الخصيّ بل الفحل إلى مالكته ، وتبعه عليه بعض من تأخّر عنه ، محمول عليه.
فتبين من جميع ما ذكر أنه لو لا الشهرة العظيمة ، ودعوى الاجماع على المنع ، لكان القول بجواز نظر كلّ من المرأة ومملوكها الخصيّ إلى شعر الآخر وساقه هو المتعيّن إلّا أنّ الأحوط خلافه.
﴿أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا﴾ ولم يطلّعوا ، أو لم يقدروا ﴿عَلى عَوْراتِ النِّساءِ﴾ لعدم تميّزهم بينها وبين غيرها ، أو عدم بلوغهم حدّا يشتهون التمتّع منهن ويتمكّنون من جماعهنّ.
ثمّ بالغ سبحانه في نهي النساء عن إظهار زينتهنّ بقوله : ﴿وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَ﴾ على الأرض ﴿لِيُعْلَمَ﴾ بصوت الخلخال وغيره ﴿ما يُخْفِينَ﴾ عن أعين الرجال ﴿مِنْ زِينَتِهِنَ﴾ فانّ ذلك ممّا يورث ميل الرجال إليهنّ ، ويؤهم أنّ لهن الميل إلى الرجال.
قيل : كانت الجاهليات يضربن بأرجلهن على الأرض ، ليسمع صوت خلاخلهنّ ، فنهي المسلمات عن ذلك لأنّه في حكم النظر (١) .
وعن ابن عباس : كانت المرأة تمرّ بالناس وتضرب برجلها لتسمع قعقعة الخلخال (٢) . وفي النهي عن استماع صوت الزينة الدالّ على وجودها تأكيد للمنع عن إظهارها.
ثمّ لمّا كان حفظ النفس عن الشهوات في غاية الصعوبة بحيث لا تخلو نفس عن التقصير فيه ، حثّ سبحانه الناس على التوبة بقوله : ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ﴾ من التفريط في أوامره ونواهيه ، سيّما في الكفّ عن الشهوات ﴿لَعَلَّكُمْ﴾ بها ﴿تُفْلِحُونَ﴾ وتفوزون بخير الدنيا والآخرة.
وعن ابن عباس : توبوا ممّا كنتم تفعلونه في الجاهلية لعلّكم تسعدون (٣) .
﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ
يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٣٢)﴾
ثمّ أمر سبحانه بالنّكاح الصائن عن السّفاح بقوله : ﴿وَأَنْكِحُوا﴾ وزوّجوا أيّها الأولياء والموالي ﴿الْأَيامى﴾ والعزّاب الأحرار من الذكر والانثى ﴿مِنْكُمْ﴾ ومن عشيرتكم ﴿وَالصَّالِحِينَ﴾ والمؤمنين أو الأهلين للنكاح ﴿مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ.﴾
وقيل : إنّ المراد من الصلاح معناه الظاهر ، والتقييد به للترغيب فيه ، فانّهم إذا علموا به رغبوا في
__________________
(١) كنز العرفان ٢ : ٢٢٤.
(٢) تفسير الرازي ٢٣ : ٢٠٩.
(٣) تفسير الرازي ٢٣ : ٢١٠.