آتِيهِ﴾ واحدا بعد واحد ، كما عن الصادق عليهالسلام (١)﴿يَوْمَ الْقِيامَةِ﴾ للعرض عليه ﴿فَرْداً﴾ وحيدا ، لا ناصر لهم ولا تابع.
في الحديث القدسي : « كذّبني ابن آدم ولم يكن له ذلك ، وشتمني ولم يكن له ذلك ، فأمّا تكذيبه إيّاي فقوله : لن يعيدني كما بدأني ، وأمّا شتمه إيّاي فقوله : إتّخذ الله ولدا » (٢) .
أقول : إنّما يكون شتما لأنّ فيه نسبة الاحتياج.
وعن أمير المؤمنين : « أنّ الشجر لم يزل حصيدا كلّه حتى دعا للرحمن ولدا » إلى أن قال : « فعند ذلك اقشعرّ الشّجر ، وصار له شوك حداد » (٣) .
﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (٩٦)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد بيان سوء عقائد المشركين وسوء حالهم وعداوتهم للمؤمنين ، ذكر حسن حال المؤمنين ومحبوبيّتهم عند الله وعند خلقه بقوله : ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بوحدانيّة الله ورسالة رسوله ودار جزائه ﴿وَعَمِلُوا﴾ الأعمال ﴿الصَّالِحاتِ﴾ والمرضيّات عند الله ﴿سَيَجْعَلُ﴾ ويحدث البتّة ﴿لَهُمُ الرَّحْمنُ﴾ برحمته الواسعة ﴿وُدًّا﴾ في القلوب وحبّا في الصدور بلا سبب ظاهر سوى الإيمان والعمل الصالح ، كما جعل في قلوب أعدائهم الرّعب والهيبة منهم.
قيل : كان المؤمنون ممقوتين في مكّة عند المشركين ، فوعدهم الله ذلك بعد قوّة الإسلام (٤) .
وقيل : إنّ ذلك في القيامة ، فإنّه تعالى يحبّبهم إلى خلقه بما يعرض من حسناتهم (٥) ، وينشر من ديوان أعمالهم.
عن النبيّ صلىاللهعليهوآله في هذه الآية : « إذا أحبّ الله عبدا نادى جبرئيل : قد أحببت فلانا فأحبّوه ، فينادي جبرئيل بذلك في السماء والأرض ، وإذا أبغض فمثل ذلك » (٦) .
وعن كعب الأحبار قال : مكتوب في التوراة والإنجيل : لا محبّة لأحد في الأرض حتى يكون ابتداؤها من الله تعالى ، ينزّلها على أهل السماء ، ثمّ على أهل الأرض ، وتصديق ذلك في القرآن قوله :
﴿سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا﴾(٧) .
وقال العلامة رضوان الله عليه في ( نهج الحقّ ) : روى الجمهور عن ابن عباس ، قال : نزلت في أمير
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ٥٧ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٩٧.
(٢) تفسير روح البيان ٥ : ٣٥٨.
(٣) تفسير القمي ١ : ٨٥ و٨٦ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٩٧ ، وفيهما زيادة : حذار أن ينزل به العذاب.
(٤) تفسير الرازي ٢١ : ٢٥٥ ، تفسير روح البيان ٥ : ٣٥٩.
(٥-٧) تفسير الرازي ٢١ : ٢٥٥.