وروى بعض العامة عن أمير المؤمنين عليهالسلام : « أنّ دلوك الشمس غروبها » (١) . ورووه أيضا عن ابن عباس وابن مسعود وابن جبير (٢) ، ورووا عن ابن عباس : أنّ غسق الليل : دخوله بظلمته (٣) .
أقول : على هذين القولين يكون المراد من الصلاة صلاة المغرب ، أو هي مع العشاء ، وقيل : إنّ تسمية صلاة الفجر بقرآن الفجر تدلّ على استحباب إكثار تلاوة القرآن فيها (٤) .
﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً (٧٩)﴾
ثمّ خصّ سبحانه نبيّه صلىاللهعليهوآله بفريضة زائدة بقوله : ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ﴾ وفي بعض منه ﴿فَتَهَجَّدْ﴾ بالقرآن وأترك النوم مشتغلا بصلاة الليل المصحوبة أو المقرونة ﴿بِهِ﴾ واعلم أنّ هذه الصلاة تكون فريضة ﴿نافِلَةً﴾ وزائدة على الصلوات الخمس ﴿لَكَ﴾ خاصة لا يشاركك في وجوبها أحد من امّتك.
عن الصادق عليهالسلام ، أنّه سئل عن النوافل فقال : « فريضة » ففزع السامعون ، فقال : « إنّما أعني صلاة الليل على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، إنّ الله يقول : ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ ﴾ الخبر (٥).
ثمّ حثّ نبيه صلىاللهعليهوآله بقوله : ﴿عَسى﴾ ويرجى ﴿أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ﴾ من قبرك ويقيمك أو يعطيك ﴿مَقاماً مَحْمُوداً﴾ عند جميع الأولين والآخرين من الأنبياء وغيرهم ، وهو مقام الشفاعة. وفي الدعاء المشهور : وابعثه المقام المحمود الذي وعدته (٦) ، يغبطه به الأولون والآخرون (٧) .
وعن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه قال في هذه الآية : « هو المقام الذي أشفع [ فيه ] لأمّتي » (٨) .
وعنه صلىاللهعليهوآله قال : « إذا قمت المقام المحمود تشفّعت في أصحاب الكبائر من امّتي ، فيشفّعني الله فيهم ، والله لا تشفّعت فيمن آذى ذرّيتي » (٩) .
وعن الصادق عليهالسلام ، قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لو قد قمت المقام المحمود لشفعت في أبي وأمّي (١٠) وأخ لي كان في الجاهلية » (١١) .
وعن أحدهما عليهماالسلام في هذه الآية ، قال : « هي الشفاعة » (١٢) .
وعنه عليهالسلام ، أنّه سئل عن شفاعة النبي صلىاللهعليهوآله يوم القيامة ، فقال : « يلجم الناس يوم القيامة العرق ،
__________________
(١ و٢) تفسير الرازي ٢١ : ٢٥.
(٣) تفسير الرازي ٢١ : ٢٧.
(٤) تفسير الرازي ٢١ : ٢٧ ، تفسير أبي السعود ٥ : ١٨٩.
(٥) التهذيب ٢ : ٢٤٢ / ٩٥٩ ، تفسير الصافي ٣ : ٢١٠.
(٦) زاد في مصباح المتهجد : مقاما.
(٧) مصباح المتهجد : ٤٤٦.
(٨) روضة الواعظين : ٥٠٠ ، تفسير الصافي ٣ : ٢١١ ، تفسير الرازي ٢١ : ٣١.
(٩) روضة الواعظين : ٢٧٣ ، تفسير الصافي ٣ : ٢١١.
(١٠) زاد في تفسيري القمي والصافي : وعمي.
(١١) تفسير القمي ٢ : ٢٥ ، تفسير الصافي ٣ : ٢١١.
(١٢) تفسير العياشي ٣ : ٧٨ / ٢٥٩٠ ، تفسير الصافي ٣ : ٢١١.