العجم » (١) وفيه دلالة على كمال عصبية العرب وفضيلة العجم عليهم بالانصاف.
وقيل : إنّ المعنى لو أنزلنا القرآن على بعض الحيوانات فقرأه ذلك الحيوان عليهم بلسان فصيح ما كانوا به مؤمنين (٢) .
وعن ابن مسعود : أنّه سئل عن هذه الآية فأشار إلى ناقته فقال : هذه من الأعجمين (٣) .
﴿كَذلِكَ﴾ الإنزال بلسان عربي ﴿سَلَكْناهُ﴾ وأدخلناه بمعانيه وجهات إعجازه ﴿فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ﴾ المصرّين على الكفر ، ومع ذلك ﴿لا يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ عنادا ولجاجا واستكبارا ﴿حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ﴾ في الدنيا أو الآخرة ، فإذا رأوه يؤمنون به إلجاء واضطرارا ، ولا ينفعهم ذلك الايمان ، أو المراد كذلك الادخال والسلك للقرون بالتكذيب سلكناه وأدخلناه في قلوب المصرّين على الكفر ، ولذا لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الملجئ لهم إلى الايمان ﴿فَيَأْتِيَهُمْ﴾ ذلك العذاب ﴿بَغْتَةً﴾ وفجأه في الدنيا أو الآخرة ﴿وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ﴾ بوقت إتيانه ﴿فَيَقُولُوا﴾ عند ذلك تحسّرا وتأسّفا على تفريطهم ﴿هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ﴾ وممهلون حتى نتدارك ما فرّطنا في جنب الله ، أو لنؤمن ونصدق.
﴿أَ فَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ * أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا
يُوعَدُونَ * ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ (٢٠٤) و (٢٠٧)﴾
ثمّ وبّخهم سبحانه على تعجيل العذاب الموعود استهزاء بقوله : ﴿أَ فَبِعَذابِنا﴾ والتقدير أيستمهلون عند نزول العذاب فبعذابنا في الحال ﴿يَسْتَعْجِلُونَ﴾ بقولهم : فاتنا بما تعدنا ، ومن المعلوم أنّ بين الاستعجال والاستمهال غاية التنافي.
ثمّ نبّه سبحانه على عدم فائدة الاستمهال بعد نزول العذاب بقوله : ﴿أَ فَرَأَيْتَ﴾ أيّها العاقل ، وأخبرني ﴿إِنْ مَتَّعْناهُمْ﴾ ونفعناهم بالحياة الدنيا ونعمها ﴿سِنِينَ﴾ متطاولة ، أو سنين أعمارهم ، أو من بدو الدنيا إلى آخرها ﴿ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ﴾ من العذاب ﴿ما أَغْنى عَنْهُمْ﴾ وما نفعهم شيئا ﴿ما كانُوا يُمَتَّعُونَ﴾ وينتفعون به من العمر والنّعم في الدنيا في رفع العذاب وتخفيفه.
عن الصادق عليهالسلام قال : « اري رسول الله صلىاللهعليهوآله في منامه بني امية يصعدون منبره من بعده ، ويضلّون الناس عن الصراط القهقرى ، فأصبح كئيبا [ حزينا ] فهبط عليه جبرئيل عليهالسلام فقال : يا رسول الله ، مالي
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ١٢٤ ، تفسير الصافي ٤ : ٥١.
(٢) مجمع البيان ٧ : ٣٢٠.
(٣) مجمع البيان ٧ : ٣٢٠.