كلّ بذاته ﴿الْكَبِيرُ﴾ والعظيم في سلطانه ، المتعالي أن يكون له شريك في ملكه.
﴿أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ
خَبِيرٌ * لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * أَ لَمْ
تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ
السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ * وَهُوَ
الَّذِي أَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ (٦٣) و (٦٦)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد الاستدلال على كمال قدرته بتصرّفه في أجزاء الزمان وتغييره اللّيل والنّهار ، استدلّ عليه بتصرّفه في السّماء والأرض بقوله : ﴿أَ لَمْ تَرَ﴾ أيّها الإنسان بعين قلبك ونور عقلك ﴿أَنَّ اللهَ﴾ بقدرته ﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً﴾ نافعا بالأمطار ﴿فَتُصْبِحُ﴾ وتصير ﴿الْأَرْضُ﴾ بنزول المطر عليها ﴿مُخْضَرَّةً﴾ بالنّبات والزّرع ، وإنّما قال ﴿فَتُصْبِحُ﴾ بدل أصبحت للدّلالة على التّجدّد والحدوث وبقاء أثّر المطر زمانا بعد زمان ﴿إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ﴾ بعباده ، ولذا فعل ذلك كي يعظم انتفاعهم ﴿خَبِيرٌ﴾ وعالم بمقادير مصالحهم.
وعن ابن عباس : لطيف بأرزاق عباده ، خبير بما في قلوبهم من القنوط (١) .
وقيل : لطيف باستخراج النّبت ، خبير بكيفيّة خلقه (٢) .
وقيل : لطيف في أفعاله ، خبير بأعمال خلقه (٣) .
﴿لَهُ﴾ تعالى وحده ﴿ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ﴾ خلقا وملكا وتصرّفا ﴿وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْغَنِيُ﴾ بذاته عن كلّ شيء ﴿الْحَمِيدُ﴾ المستوجب للثّناء عليه في صفاته وأفعاله ﴿أَ لَمْ تَرَ﴾ أيّها الإنسان ببصيرة قلبك ، ولم تعلم بهداية عقلك ﴿أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ﴾ من الموجودات ، وذلّلها تحت إرادتكم تتصرّفون فيها كيف شئتم ﴿وَ﴾ سخّر لكم ﴿الْفُلْكَ﴾ بأن تركبوها وتحملوا الأثقال عليها حال كونها ﴿تَجْرِي﴾ وتسير ﴿فِي الْبَحْرِ﴾ إلى البلاد البعيدة ﴿بِأَمْرِهِ﴾ تعالى وإرادته ﴿وَيُمْسِكُ﴾ ويأخذ ﴿السَّماءَ﴾ فوقكم ، محفوظة من ﴿أَنْ تَقَعَ﴾ أو كراهة أن تقع ، أو كيلا تقع ﴿عَلَى الْأَرْضِ﴾ بسبب من الأسباب ﴿إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ تعالى ومشيئته ﴿أَنَّ اللهَ﴾ أنعم بهذه النّعم العظام لأنّه ﴿بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ﴾ وشديد المحبّة ﴿رَحِيمٌ﴾ وعطوف بهم.
عن الصادق عليهالسلام [ عن أبيه ، عن آبائه ] عن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه بعد ذكر الأئمّة الاثني عشر بأسمائهم قال :
__________________
(١-٣) تفسير الرازي ٢٣ : ٦٢.