في تفسير سورة الفرقان
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً * الَّذِي لَهُ مُلْكُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ
شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً (١) و (٢)﴾
ثمّ لمّا ختم سبحانه السورة المباركة بتوصيف المؤمنين الخلّص (١) وإيجاب طاعة النبيّ وتعظيمه ، وتهديد المنافقين والمخالفين لأمره بالعذاب ، وبيان كمال قدرته وسلطنته وعلمه ترهيبا للقلوب ، اردفت بسورة الفرقان التي افتتحت بإثبات التوحيد ونبوة نبيّه ، وذكر أهوال القيامة ، وختمت بذكر صفات العباد المخلصين ، فابتدأها بذكر الأسماء المباركات حسب دأبه بقوله : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾
ثمّ لمّا كان إثبات الصانع وكمال صفاته أهمّ الامور افتتحها بقوله : ﴿تَبارَكَ﴾ وتكاثر خير الإله ﴿الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ﴾ وأنزل نجوما القرآن الذي هو معدن العلوم والمعارف والحكم ، ومنبع جميع الخيرات ، والفارق بين الحقّ والباطل ﴿عَلى عَبْدِهِ﴾ ورسوله محمد صلىاللهعليهوآله ﴿لِيَكُونَ﴾ هو ، أو الفرقان ﴿لِلْعالَمِينَ﴾ وكافّة الجنّ والإنس إلى يوم القيامة ﴿نَذِيراً﴾ ومخوّفا من العذاب على عصيان الله ﴿الَّذِي﴾ يكون من شواهد عظمته وعظيم سلطانه وكمال قدرته أنّ ﴿لَهُ﴾ وحده ﴿مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾ والسلطنة التامة في عالم الوجود من الجبروت والملكوت والناسوت ﴿وَلَمْ يَتَّخِذْ﴾ لنفسه ولم يختر لذاته ﴿وَلَداً﴾ يعبد من دونه ويرث ملكه ﴿وَلَمْ يَكُنْ﴾ له من الأزل ﴿شَرِيكٌ﴾ وندّ ﴿فِي الْمُلْكِ﴾ والسلطنة ، بل هو متفرّد في الالوهية والربوبية ﴿وَخَلَقَ﴾ وأوجد ﴿كُلَّ شَيْءٍ﴾ قابل للوجود ﴿فَقَدَّرَهُ﴾ وهيّأه لما يصلح من الكمال والادراك والنظر والتدبير في امور المعاش والمعاد ﴿تَقْدِيراً﴾ بديعا وتهيأ عجيبا.
__________________
(١) في النسخة : الخلّصين.