الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ﴾ يعني أبا بكر وعمر ﴿فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ﴾ يعني لمّا جاء عليّ عليهالسلام بعدهما ﴿ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ﴾ يعني سينصر الله أمير المؤمنين عليهالسلام ﴿لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً﴾ يعني فلانا وفلانا ﴿لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ قال : شكّ » (١) .
أقول : أمّا الرواية الاولى ففهم المراد منها في غاية الإشكال ، وأمّا الثانية فلا شبهة أنّها بيان التأويل لا التّنزيل.
﴿وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ
عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ * الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا فَأُولئِكَ لَهُمْ
عَذابٌ مُهِينٌ (٥٥) و (٥٧)﴾
ثمّ لمّا بيّن سبحانه حال الكفار ثمّ حال المؤمنين ، عاد إلى بيان إصرار الكفّار على الكفر ، واستمرار شكّهم في صدق القرآن أو الرّسول بقوله : ﴿وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ﴾ وشكّ ﴿مِنْهُ﴾ أو في مرية من صدق الرّسول ﴿حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ﴾ والقيامة ﴿بَغْتَةً﴾ وفجأة وعلى غفلة منهم ﴿أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ﴾ لا يوم بعده لأنّه لا ليل له ، أو لا يوم بعده مثله لعظم أمره ، أو المراد أنّه لا يرون لأنفسهم فيه خيرا ، وهو يوم نزول العذاب عليهم.
وقيل : إنّه يوم القيامة والسّاعة من مقدّماته ، فلا تكرار في الآية (٢) .
﴿الْمُلْكُ﴾ والسّلطنة التامّة الظاهريّة والواقعيّة ﴿يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾ وحده ، والحكومة بين العباد مختصّة به ، لا حاكم فيهم سواه ، وهو ﴿يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ﴾ بالعدل ، ثمّ فسّر حكمه بينهم بقوله : ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ بالرّسول والقرآن ، ولم يجادلوا في شيء من الحقّ بالباطل ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ﴾ وأطاعوا أحكام الله المنزلة في كتابه ، أولئك في الآخرة متمكّنون ﴿فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ وبساتين كثيرة النّعم ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا﴾ بالله ورسوله وكتابه ﴿وَكَذَّبُوا بِآياتِنا﴾ المنزلة في القرآن ، وأصرّوا واستمرّوا عليه ﴿فَأُولئِكَ لَهُمْ﴾ في ذلك اليوم ﴿عَذابٌ مُهِينٌ﴾ ومذلّ لهم ، ومذهب بعزّهم وكبرهم.
﴿وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ
اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ * لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (٥٨) و (٥٩)﴾
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ٨٥ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٨٦.
(٢) تفسير الرازي ٢٣ : ٥٦.