وعن الصادق عليهالسلام أنّه قال لرجل : « اتق الله ولا تسرف ولا تقتّر ، وكن بين ذلك قواما ، إنّ التبذير من الأسراف ، قال [ الله ] : ﴿وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً ﴾(١) .
وعنه عليهالسلام ، أنّه سئل عن هذه الآية ، فقال : « من أنفق شيئا في غير طاعة الله فهو مبذّر ، ومن أنفق في سبيل الله فهو مقتصد » (٢) .
وعنه عليهالسلام ، أنّه سئل أفيكون تبذير في حلال ؟ قال : « نعم » (٣) .
وعنه عليهالسلام : أنّه دعا برطب فأقبل بعضهم يرمي بالنّوى ، فقال : « لا تفعل ، إن هذا من التبذير ، وإن الله لا يحبّ الفساد » (٤) .
﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً * وَإِمَّا
تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً (٢٧) و (٢٨)﴾
ثمّ ذمّ سبحانه المبذّرين بقوله : ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ﴾ والموافقين له في الصفة والعمل ، أو أعوانهم في إهلاك أنفسهم تابعين لهم في كفران النعمة ﴿وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً﴾ مبالغا في صرف نعم الله من عقله وحياته وقواه في المعصية.
وعن مجاهد : أنّه رفع رأسه إلى أبي قبيس وقال : لو أنّ رجلا أنفق مثل هذا في طاعة الله لم يكن من المسرفين ، ولو أنفق درهما واحدا في معصية الله كان من المسرفين (٥) .
ثمّ أمر سبحانه بمواجهة الأقارب والمساكين بالبشر وجميل القول إذا لم يتمكّن الانسان من مساعدتهم بالمال بقوله : ﴿وَإِمَّا تُعْرِضَنَ﴾ وصرفت وجهك ﴿عَنْهُمُ﴾ حياء من التصريح بردّهم بسبب كونك صفر اليد عديم المال ﴿ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ﴾ وطلب السعة ﴿مِنْ رَبِّكَ﴾ إذا كنت ﴿تَرْجُوها﴾ منه تعالى ﴿فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً﴾ وكلاما لينا جميلا ، كأن تعدهم بوعد يودع قلوبهم راحة وسرورا.
روي أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان إذا سئل شيئا وليس عنده سكت حياء ، وأمر بالقول الجميل لئلا يعتريهم الوحشة بسكوته (٦) .
وقيل : القول الميسور الدعاء لهم باليسر (٧) .
__________________
(١) تفسير العياشي ٣ : ٤٧ / ٢٤٩٩ ، الكافي ٣ : ٥٠١ / ١٤ ، تفسير الصافي ٣ : ١٨٨.
(٢) تفسير العياشي ٣ : ٤٦ / ٢٤٩٧ ، تفسير الصافي ٣ : ١٨٨.
(٣) تفسير العياشي ٣ : ٤٦ / ٢٤٩٨ ، تفسير الصافي ٣ : ١٨٨.
(٤) تفسير العياشي ٣ : ٤٧ / ٢٥٠٢ ، تفسير الصافي ٣ : ١٨٨.
(٥) تفسير الرازي ٢٠ : ١٩٣.
(٦) تفسير أبي السعود ٥ : ١٦٨ ، تفسير روح البيان ٥ : ١٥١.
(٧) تفسير البيضاوي ١ : ٥٦٩ ، تفسير أبي السعود ٥ : ١٦٨ ، تفسير روح البيان ٥ : ١٥١.