﴿يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ * أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ
* لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ * لا
يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ (٢٠) و (٢٣)﴾
عن الصادق عليهالسلام أنّه سئل عن الملائكة أينامون ؟ فقال : « ما من حيّ إلّا وهو ينام ما خلا الله وحده ، والملائكة ينامون » فقيل : يقول الله تعالى : ﴿يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ﴾ قال : « أنفاسهم تسبيح » (١) .
وفي رواية اخرى : « ليس شيء من أطباق أجسادهم إلّا ويسبّح الله عزوجل ويحمده من ناحيته بأصوات مختلفة » (٢) .
وقيل : يعني لا يفترون عن العزم على أدائه في أوقاته لا دوام الاشتغال به (٣) . وفيه أنّه خلاف الظاهر.
ثمّ وبّخهم سبحانه على إشراكهم وادّعائهم قدرة آلهتهم على إحياء الموتى بقوله : ﴿أَمِ اتَّخَذُوا﴾ واختاروا لأنفسهم ﴿آلِهَةً﴾ ومعبودين ﴿مِنَ﴾ جنس ما في ﴿الْأَرْضِ﴾ كالخشب والحجر والذّهب والفضّة وغيرها وقالوا : ﴿هُمْ يُنْشِرُونَ﴾ ويحيون الموتى مع كونهم في أنفسهم أموات لا يشعرون ، ولا يقول به من له عقل وشعور.
وقيل : إنّ هذه الدعوى لازم قولهم بالوهيّتهم ، لا أنّهم صرّحوا به ؛ لأنّهم لا يثبتون الإنشار لله ، فكيف يثبتونه لالهتهم (٤) .
ثمّ أبطل قولهم الشنيع بقوله : ﴿لَوْ كانَ﴾ في السّماوات والأرض ووجد ﴿فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ﴾ وغيره تعالى يكون كلّ واحد منهم متصرّفا فيها بالخلق والتدبير ﴿لَفَسَدَتا﴾ وخرجتا بما فيهما من الاعتدال والنّظام الأتمّ ، سواء أكان الله معهم أو لا ، أو المراد لبطلتا وتفطّرتا لأنّه مع فرض قدرة كلّ واحد منهم على الاستقلال في الخلق والتدبير واتفاقهم في المراد والإيجاد بالاستقلال ، لزم توارد العلل على معلول واحد وهو محال ، ومع تخالفهم في المراد والتزاحم يلزم التعاوق وعدم وجود موجود أصلا ، ومع عدم التزاحم يلزم التعطيل في الواجب والترجيح بلا مرجّح ، ومع عجز كلّ واحد عن الاستقلال يلزم النقص في الواجب.
عن الصادق عليهالسلام أنّه سئل : ما الدّليل على أنّ الله واحد ؟ قال : « إتّصال التدبير وكمال (٥) الصّنع ، كما قال
__________________
(١) كمال الدين : ٦٦٦ / ٨ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٣٤.
(٢) التوحيد : ٢٨٠ / ٦ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٣٤.
(٣) تفسير روح البيان ٥ : ٤٦٢.
(٤) تفسير روح البيان ٥ : ٤٦٣.
(٥) في التوحيد : وتمام.