وفاقدي الأبصار ، لم يبصروا ما فيها من المعجزات والعبر ، بل أكبّوا عليها وأقبلوا إليها سامعين بآذان واعية ، مبصرين بعيون راغبة ، منتفعين بها حقّ الانتفاع على خلاف الكفار والمنافقين.
عن الصادق عليهالسلام ، قال : « مستبصرين ليسوا بشكّاك » (١) .
﴿وَالَّذِينَ﴾ يتضرّعون إلى الله و﴿يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ﴾ جهة ﴿أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا﴾ ما يكون لنا ﴿قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾ وضياء أبصار ومسرّة قلوب من الطاعة والصلاح وحيازة الفضائل ، ومساعدة في الدين ، وقيل : إنّ المعنى هب لنا قرّة أعين (٢) .
ثمّ بيّنها بقوله : ﴿مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا﴾ بأن يجعلهم الله مؤمنين صالحين ﴿وَاجْعَلْنا﴾ بتوفيقك لنا في الايمان والتقوى بحيث نكون ﴿لِلْمُتَّقِينَ إِماماً﴾ ومقتدى في الاجتهاد في الطاعة ، والقيام بمراسم الشريعة.
قال بعض العامة : إنّ الايات نزلت في العشرة المبشّرة (٣) .
وعن سعيد بن جبير : أنّ هذه الآية خاصة في أمير المؤمنين عليهالسلام ، وكان أكثر دعائه : ﴿رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا﴾ يعني فاطمة ﴿وَذُرِّيَّاتِنا﴾ يعني الحسن والحسين عليهماالسلام ﴿قُرَّةَ أَعْيُنٍ.﴾
قال عليهالسلام : « والله ما سألت ربي ولدا نضير الوجه ، ولا سألت ولدا حسن القامة ، ولكن سألت [ ربي ] ولدا مطيعين لله خائفين وجلين منه ، حتى إذا نظرت إليه وهو مطيع لله قرّت به عيني » قال : ﴿وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً﴾ [ قال ] : « نقتدي بمن قبلنا من المتقين ، فيقتدي المتّقون بنا من بعدنا» (٤) .
وقال القمي : روي أن ﴿أَزْواجِنا﴾ خديجة ﴿وَذُرِّيَّاتِنا﴾ فاطمة ، و﴿قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾ الحسن والحسين ﴿وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً﴾ علي بن أبي طالب والأئمّة عليهمالسلام (٥) .
وعن الصادق عليهالسلام : « إيانا عنى » . وفي رواية : « هي فينا » (٦) .
﴿أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً * خالِدِينَ فِيها
حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً * قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ
فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً (٧٧)﴾
ثمّ إنّه تعالى بعد توصيف عباده بالصفات الكريمة ، بيّن الطافه بهم بقوله : ﴿أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ﴾ وأعلى منازل الجنّة التي تكون من ذهب ولؤلؤ ومرجان على ما قيل (٧)﴿بِما صَبَرُوا﴾ على مشاقّ
__________________
(١) الكافي ٨ : ١٧٨ / ١٩٩ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٦.
(٢) تفسير الرازي ٢٤ : ١١٤.
(٣) تفسير الرازي ٢٤ : ١١٥.
(٤) مناقب ابن شهر آشوب ٣ : ٣٨٠ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٧.
(٥) تفسير القمي ٢ : ١١٧ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٧.
(٦) جوامع الجامع : ٣٢٦ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٧.
(٧) تفسير روح البيان ٦ : ٢٥٤.