ومع كلّ واحد سبعون ألفا » الخبر (١) .
﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ * كُتِبَ عَلَيْهِ
أَنَّهُ مَنْ تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ (٣) و (٤)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد الأمر بالتّقوى وبيان أهوال القيامة ، بيّن لجاج القوم الموجب لغاية استحقاقهم العذاب بقوله : ﴿وَمِنَ النَّاسِ﴾ كالنّضر بن الحارث وأضرابه من المشركين المنكرين للبعث ﴿مَنْ يُجادِلُ﴾ ويخاصم ﴿فِي﴾ صفات ﴿اللهِ﴾ وإنّما يكون جداله ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ وعرفان وحجّة وبرهان ﴿وَيَتَّبِعُ﴾ في جداله وأقواله ﴿كُلَّ شَيْطانٍ﴾ إنسيّ أو جنّي ﴿مَرِيدٍ﴾ مبالغ في الفساد ومجاوز الحدّ في الطّغيان والعناد ﴿كُتِبَ﴾ وأثبت على ذلك الشيطان أو المجادل في اللّوح المحفوظ أو قضي ﴿عَلَيْهِ﴾ في الأزل ، أو جعل في طبعه كأنّما كتب عليه ﴿أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ﴾ واتّبعه ﴿فَأَنَّهُ﴾ بإغوائه وتسويلاته في قلب وليّه ﴿يُضِلُّهُ﴾ ويحرفه عن طريق الحقّ والخير ﴿وَيَهْدِيهِ﴾ بحمله على المعاصي ﴿إِلى عَذابِ السَّعِيرِ﴾ والنار الحريق.
﴿يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ
ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما
نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى
وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ
هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * ذلِكَ
بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَأَنَّ السَّاعَةَ
آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (٥) و (٧)﴾
ثمّ لمّا هدّدهم الله بعذاب الآخرة ، وكانوا منكرين للبعث ومجادلين فيه ، استدلّ سبحانه عليه بقوله: ﴿يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ﴾ وشكّ ممّا وعدناكم ﴿مِنَ الْبَعْثِ﴾ والإحياء بعد الموت ، فأذكروا خلقكم الأوّل. وتفكّروا فيه حتى يزول ريبكم ﴿فَإِنَّا﴾ بقدرتنا ﴿خَلَقْناكُمْ﴾ وجعلنا مبدأ تكوّنكم ﴿مِنْ تُرابٍ﴾ حيث خلق أبوكم آدم عليهالسلام منه ﴿ثُمَ﴾ خلقنا كلّ فرد منكم ﴿مِنْ نُطْفَةٍ﴾ وماء متكوّن في صلب الرّجل خارج منه بدفق وشهوة ﴿ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ﴾ وقطعة دم جامدة مكوّنة من النّطفة ﴿ثُمَّ مِنْ
__________________
(١) مجمع البيان ٧ : ١١٢ ، تفسير الرازي ٢٣ : ٣ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٦١.