أهل النار (١) .
وقيل : إنّهم يخرجون من قبورهم بصراء زرقا أوّل مرّة ، ويعمون في المحشر (٢) .
وقيل : إنّه يتغيّر سواد أعينهم من شدّة العطش حتى تزرقّ (٣) .
وقيل : إنّ الزّرق يعني الطامعين في ما لا ينالونه (٤) .
والقمي ، قال : تكون أعينهم مزرقّة لا يقدرون أن يطرفوها (٥) .
﴿يَتَخافَتُونَ﴾ ويتسارّون بالقول فيما ﴿بَيْنَهُمْ﴾ من شدّة الرّعب والهول ، أو من غاية الضّعف بحيث لا يمكنهم الإجهار في الصّوت ، ويقول بعضهم لبعض في إسراره : ﴿إِنْ لَبِثْتُمْ﴾ وما مكثتم في الدنيا ، أو في القبر ﴿إِلَّا عَشْراً﴾ من الأيّام ، أو الساعات استقصارا لمدّة لبثهم فيها ، وتحسّرا على إضاعتها ، مع إمكان تحصيل الرّاحة الأبديّة فيها.
وقيل : يريدون ما بين النّفختين ، وهو أربعون سنة يرفع العذاب عن الكفّار في تلك المدّة ، ويستقصرون تلك المدّة إذا عاينوا أهوال القيامة ، كما عن ابن عباس (٦) .
وقيل : إنّهم لمّا علموا بعمر الآخرة ، استقصروا عمرهم في الدنيا بالنسبة إليه (٧) .
وقيل : إنّهم لمّا رأوا انقضاء عمر الدنيا وإتيان عمر الآخرة ، استقصروا عمر الدنيا ، لأنّ الذاهب قليل بالنسبة إلى الآتي وإن قصرت مدّته (٨) .
ثمّ حكى سبحانه مبالغتهم في الاستقصار بقوله : ﴿نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ﴾ فيما بينهم ﴿إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ﴾ وأفضلهم ﴿طَرِيقَةً﴾ وأكملهم عقلا. القمي : أعلمهم وأصلحهم (٩) : ( إنّ لبثتم ) وما مكثتم في الدنيا ﴿إِلَّا يَوْماً.﴾
﴿وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً * فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً * لا
تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً (١٠٥) و (١٠٧)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد توصيف القيامة وذكر بعض أهوالها ، حكى سؤال بعض منكري الحشر بقوله :
﴿وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ﴾ حال ﴿الْجِبالِ﴾ في الحشر ، قيل : نزلت في مشركي مكّة حين قالوا استهزاء : يا
__________________
(١) تفسير روح البيان ٥ : ٤٢٥.
(٢ و٣) تفسير الرازي ٢٢ : ١١٤.
(٤) تفسير الرازي ٢٢ : ١١٥.
(٥) تفسير القمي ٢ : ٦٤ ، تفسير الصافي ٣ : ٣١٩.
(٦) تفسير روح البيان ٥ : ٤٢٥.
(٧) تفسير الرازي ٢٢ : ١١٥.
(٨) تفسير الرازي ٢٢ : ١١٥.
(٩) تفسير القمي ٢ : ٦٤ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٢٠.