جهنم تحرق الحجر حيث قال : ﴿وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ﴾(١) ثمّ يقول : إنّ في النار شجرا ، والنار تأكل الشجر ، فكيف تولّد فيها الشجر ؟ (٢) .
وقال ابن الزّبعري : ما نعلم الزّقوم إلّا التمر والزّبد ، فتزقّموا منه ، فأنزل الله ﴿إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ﴾(٣) .
وقيل : إنّ المراد بها أبو جهل أو [ الحكم بن أبي ] العاص (٤) . وقيل : إنّها شجرة اليهود (٥) .
وعن ابن عباس : الشجرة الملعونة : بنو اميّة (٦) .
وعن الباقر عليهالسلام - في رواية - قيل : ﴿وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ ؟﴾ قال : « هم بنو اميّة » (٧) .
ثمّ أنّه تعالى بعد بيان افتتان الناس بهما (٨) ، بيّن أنه يخوّف الناس بالمعجزات والآيات بقوله :
﴿وَنُخَوِّفُهُمْ﴾ بالعذاب الدنيوي والآخروي ﴿فَما يَزِيدُهُمْ﴾ التخويف ﴿إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً﴾ وعتوا عظيما وتماديا في الكفر والضلال.
﴿وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ قالَ أَ أَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ
طِيناً * قالَ أَ رَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ
لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً * قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ
جَزاءً مَوْفُوراً * وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ
وَرَجِلِكَ وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلاَّ
غُرُوراً (٦١) و (٦٤)﴾
ثمّ لمّا كان سبب عتوّ المشركين ومعارضتهم النبي صلىاللهعليهوآله وإيذائه الكبر والحسد ، بيّن أنّ هاتين الرذيلتين أوّل ما عصي الله به ، وأقوى الأسباب للكفر في بدو الخلقة بقوله : ﴿وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قالَ﴾ تكبرا وتعجبا من أمره بالسجود له : ﴿أَ أَسْجُدُ﴾ يا رب ، وأنا مخلوق من نار ﴿لِمَنْ خَلَقْتَ﴾ وكان مبدأ خلقته ﴿طِيناً﴾ قيل : إن ﴿طِيناً﴾ منصوب بنزع الخافض ، والمعنى لمن خلقته من طين (٩) .
ثمّ لمّا رأى اللعين تبعيده وطرده من الرحمة وتقريب آدم وتكريمه ﴿قالَ﴾ حسدا وعدوانا لآدم :
__________________
(١) البقرة : ٢ / ٢٤.
(٢) تفسير الرازي ٢٠ : ٢٣٧.
(٣) تفسير الرازي ٢٠ : ٢٣٧ ، والآية من سورة الصافات : ٣٧ / ٦٣.
(٤) تفسير البيضاوي ١ : ٥٧٥.
(٥ و٦) تفسير الرازي ٢٠ : ٢٣٧.
(٧) تفسير العياشي ٣ : ٥٧ / ٢٥٣٧ ، تفسير الصافي ٣ : ١٩٩.
(٨) كذا ، ولعلّ المراد الرؤيا والشجرة الملعونة.
(٩) تفسير أبي السعود ٥ : ١٨٣.