جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ﴾(١) .
وعن مجاهد ، قال : ورود المؤمن في النّار [ هو ] مسّ الحمّى جسده في الدنيا ، لقوله صلىاللهعليهوآله : « الحمّى من فيح (٢) جهنم ، فأبردوها بالماء » (٣) .
وفي الحديث : « الحمّى حظّ كلّ مؤمن من النار » (٤) .
﴿وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ
مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا * وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً
وَرِءْياً (٧٣) و (٧٤)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد إثبات بطلان الشرك ووعيد المشركين بالعذاب عليه ، حكى استدلالهم على صحّة قولهم بحسن مآلهم في الدنيا وسوء حال المؤمنين الموحّدين فيها بقوله : ﴿وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا﴾ القرآنية الدالة على التوحيد والوعد والوعيد مع كونها معجزات ﴿بَيِّناتٍ﴾ من حيث العبارات والمعاني ﴿قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وأصرّوا على الشّرك والعناد كالنّضر بن الحارث وأضرابه ﴿لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ بوحدانية الله الفقراء منهم انظروا أيّها المؤمنون ﴿أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ﴾ منّا ومنكم ﴿خَيْرٌ﴾ وأفضل ﴿مَقاماً﴾ ومسكنا ﴿وَأَحْسَنُ نَدِيًّا﴾ ومجلسا من حيث اجتماع الأشراف ووجوه قريش فيه.
روي أنّ المشركين كانوا يرجّلون (٥) شعورهم ويدهنونها ويتطيّبون ويتزيّنون بالزّينة الفاخرة ، فإذا سمعوا الآيات الواضحات وعجزوا عن معارضتها أو الطعن فيها ، قالوا مفتخرين بالحظوظ الدنيويّة على فقراء المؤمنين : لو كنتم على الحقّ وكنّا على الباطل لكان حالكم في الدنيا أحسن ، لأنّ الحكيم لا ينبغي له أن يوقع أولياءه في العذاب والذلّ ، وأعداءه في العزّ والرّاحة ، ولكن الأمر بالعكس (٦) .
ثمّ ردّ عليهم سبحانه بقوله : ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنا﴾ بعذاب الاستئصال بسبب الكفر والشّرك من ﴿قَبْلَهُمْ﴾ كثيرا ﴿مِنْ﴾ أهل ﴿قَرْنٍ﴾ وأهل عصر كانوا ﴿هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً﴾ ومتاعا يزيّنون به بيوتهم ﴿وَ﴾ أحسن ﴿رِءْياً﴾ ومنظرا منكم.
عن الباقر عليهالسلام : « الأثاث المتاع ، ورئيا الجمال والمنظر الحسن » (٧) . فلو كانت الأمتعة الدنيويّة وحظوظها التي تفتخرون بها دليلا على الكرامة عند الله لم يهلكوا بالعذاب.
__________________
(١) تفسير الرازي ٢١ : ٢٤٣ ، تفسير الجامع ١١ : ١٣٨ ، والآية من سورة الأنبياء : ٢١ / ٩٨.
(٢) الفيح : سطوع الحر وفورانه ، وفي النسخة : قيح.
(٣ و٤) تفسير روح البيان ٥ : ٣٥١.
(٥) رجّل الشعر : سرّحه.
(٦) تفسير روح البيان ٥ : ٣٥١.
(٧) تفسير القمي ٢ : ٥٢ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٩١.