صاحبه ؟ قال : « من كان فوقه فله أن يهبط ، و[ من ] كان تحته لم يكن له أن يصعد ؛ لأنّه لم يبلغ ذلك المكان ، ولكنّهم إذا أحبّوا ذلك واستهووه التقوا على الأسرّة » (١) .
وعن النبي صلىاللهعليهوآله : « إنما يرتفع العباد غدا في الدرجات ، وينالون الزّلفى من ربّهم على قدر عقولهم» (٢) .
وعن ابن عبّاس : يرفع درجة العالم فوق المؤمن بسبعمائة درجة بين كلّ درجتين ، كما بين السماء والأرض (٣) .
وعن النبي صلىاللهعليهوآله : « أن في الجنة مدينة من نور ، لم ينظر إليها ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل ، جميع ما فيها من القصور والغرف والأزواج والخدم من النور ، أعدّها الله للعاقلين ، فاذا ميّز الله أهل الجنّة من أهل النار ، ميّز أهل العقل فجعلهم في تلك المدينة ، فيجزي كلّ قوم على قدر عقولهم ، فيتفاوتون في الدرجات ، كما بين المشارق والمغارب بألف ضعف » (٤) .
وعنه صلىاللهعليهوآله : « أن في الجنة درجة لا ينالها إلّا أصحاب الهموم » (٥) .
وعنه صلىاللهعليهوآله : « أنّ في الجنّة درجة لا ينالها إلّا ثلاثة أقسام : عادل ، وذو رحم واصل ، وذو عيال صبور » فقال [ علي عليهالسلام : « ما صبر ذي العيال ؟ » قال : ] « لا يمنّ على أهله ما ينفق عليهم»(٦).
﴿لا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً (٢٢)﴾
ثمّ لمّا بين الله سبحانه أنّ شرط فائدة الأعمال في الآخرة هو الإيمان ، بيّن أنّ أهمّ ما يجب الإيمان به التوحيد بقوله مخاطبا لنبيه صلىاللهعليهوآله لاظهار غاية الاهتمام به : ﴿لا تَجْعَلْ﴾ ولا تختر يا محمّد بهوى نفسك ، أو لا تعتقد أنّ ﴿مَعَ اللهِ﴾ الواجب الوجود ﴿إِلهاً آخَرَ﴾ مشاركا في الالوهية والعبادة ﴿فَتَقْعُدَ﴾ وتصير ، أو تمكث في العالم ، أو في جهنّم حال كونك ﴿مَذْمُوماً﴾ وملاما عند العارفين بالله من العقلاء والمؤمنين والأنبياء والملائكة و﴿مَخْذُولاً﴾ عند الله ، ممنوعا عنك ألطافه ، فلا ينصرك أحد بدفع العذاب عنك ، وإنّما عبّر سبحانه عن الصيرورة أو المكث بالقعود ؛ لأنّ فيه معنى الذلّ والهوان والعجز ، أو لأنّ من شأن المذموم المخذول أن يقعد في ناحية متفكّرا نادما على ما فرّط ، أو لأنّ من لا يقدر على طلب خير يقعد آيسا منه.
__________________
(١) تفسير العياشي ٣ : ١٥٥ / ٦١ ، تفسير الصافي ٣ : ١٨٤.
(٢) تفسير الصافي ٣ : ١٨٤.
(٣) تفسير روح البيان ٥ : ١٤٥.
(٤) تفسير روح البيان ٥ : ١٤٥.
(٥) تفسير روح البيان ٥ : ١٤٦.
(٦) تفسير روح البيان ٥ : ١٤٦.