الكلام فنزلت (١) .
وعن جابر بن عبد الله ، قال : جاءت جارية لبعض الناس فقالت : إنّ سيدي يكرهني على البغاء ، فنزلت (٢) .
والقمي رحمهالله : كانت العرب وقريش يشترون الإماء ، ويضعون (٣) عليهنّ الضريبة الثقيلة ، ويقولون: اذهبن وازنين واكتسبن ، فناههم الله عزوجل عن ذلك (٤) .
ثمّ بيّن سبحانه إحسانه بالمكرهات بقوله : ﴿وَمَنْ يُكْرِهْهُنَ﴾ على البغاء ﴿فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ بهن لكونهنّ معذورات بسبب الإكراه ، وإنّما الإثم على المكرهين.
القمي رحمهالله : أي لا يؤاخذهنّ الله بذلك إذا أكرهن عليه (٥) .
وعن الباقر عليهالسلام : « هذه الآية منسوخة نسختها ﴿فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ ﴾(٦) .
آقول : الرواية مخالفة للقاعدة المتّفق عليها.
﴿وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً
لِلْمُتَّقِينَ * اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ
الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ
زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ
يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ
عَلِيمٌ (٣٤) و (٣٥)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد بيان الأحكام الكثيرة ، مدح كتابه الكريم بقوله : ﴿وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ﴾ أيها الناس ﴿آياتٍ مُبَيِّناتٍ﴾ وأحكام واضحات بلسانكم ﴿وَمَثَلاً﴾ وقصة عجيبة نظيرة للقصص العجيبة المتواترة ﴿مِنَ﴾ الأقوام ﴿الَّذِينَ خَلَوْا﴾ ومضوا ﴿مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ من الدنيا ، كرمي البرئ الذي وقع في شأن يوسف ومريم ، أو المراد إنا بيّنا قصة حلول العذاب بالامم الذين من قبلكم لتكذيبهم الرسل ، وجعلنا ذلك مثلا لكم ، لتعلموا أنكم إذا شاركتموهم في المعصية كنتم مثلهم في استحقاق العذاب
__________________
(١و٢) تفسير الرازي ٢٣ : ٢٢٠.
(٣) في تفسير القمي : ويجعلون.
(٤) تفسير القمي ٢ : ١٠٢ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٣٤.
(٥) تفسير القمي ٢ : ١٠٢ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٣٤.
(٦) تفسير القمي ٢ : ١٠٢ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٣٤ ، والآية من سورة النساء : ٤ / ٢٥.