فدخل عليه وهو نائم قد انكشف عنه ثوبه ، فقال عمر : لوددت أن الله تعالى نهى آباءنا وأبناءنا وخدمنا أن لا يدخلوا علينا هذه الساعات إلّا بإذن ، ثمّ انطلق معه إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فوجده وقد أنزلت عليه هذه الآية (١) .
روى عكرمة : أن رجلين من أهل العراق سألا ابن عباس عن هذه الآية ، فقال : إنّ الله ستير يحب السّتر ، وكان الناس لم يكن لهم ستور على أبوابهم ولا حجال في بيوتهم ، فربّما فاجأ الرجل ولده أو خادمه أو يتيما في حجره ، ويرى منه ما لا يحبه ، فأمرهم الله تعالى أن يستأذنوا الثلاث ساعات التي سمّاها ، ثمّ جاء باليسر وبسط الرزق عليهم ، فاتخذوا السّتور والحجال ، فرأى الناس أنّ ذلك [ قد ] كفاهم عن الاستئذان الذي امروا به (٢) .
عن الصادق عليهالسلام قال : « ليستأذن عليك بعد العشاء التي تسمّى عتمة ، وحين تصبح ، وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ، إنّما أمر الله عزوجل بذلك للخلوة وإنّها ساعات غرّة وخلوة » (٣) .
﴿وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٩)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد بيان حكم غير البالغين من الأطفال ، ونفي الجناح في الدخول بغير الاستئذان فيما عدا الأوقات الثلاثة ، بيّن حكم البالغين منهم بقوله : ﴿وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ﴾ الأحرار الكائنين ﴿مِنْكُمُ الْحُلُمَ﴾ وحدّ البلوغ ، وأرادوا الدخول عليكم في وقت من الأوقات ﴿فَلْيَسْتَأْذِنُوا﴾ منكم فيه ﴿كَمَا اسْتَأْذَنَ﴾ الأحرار ﴿الَّذِينَ﴾ بلغوا الحلم ﴿مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ والذين ذكروا من قبل ، ذكرهم بقوله : ﴿لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها﴾(٤) .
ثمّ أكّد سبحانه تفخيم آياته والأمر بالاستئذان بقوله : ﴿كَذلِكَ﴾ التبيّن ﴿يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ.﴾
عن الصادق عليهالسلام قال : « ليستأذن الذين ملكت أيمانكم ، والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات كما أمركم الله » . قال : « ومن بلغ منكم الحلم فلا يلج على امّه ، ولا على اخته ، ولا على خالته - وفي رواية عن الباقر عليهالسلام بدل الخالة الابنة (٥) - ولا على من سوى ذلك إلّا بإذن ؛ ولا تأذنوا حتى تسلّموا ، فانّ السّلام طاعة لله عزوجل » وقال : « ليستأذن عليك خادمك إذا بلغ الحلم في ثلاث عورات ، إذا
__________________
(١) تفسير أبي السعود ٦ : ١٩٣.
(٢) تفسير روح البيان ٦ : ١٧٦.
(٣) الكافي ٥ : ٥٢٩ / ١.
(٤) النور : ٢٤ / ٢٧.
(٥) الكافي ٥ : ٥٣٠ / ٣.