رجل بنى دارا فأكملها إلا موضع لبنة ، فجعل الناس يطيفون بها ويقولون : هلا وضعت هذه اللبنة؟» (١) ومصداق ذلك أيضا فى قوله تعالى : (وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) (٢) وفى الزبور صفة محمد صلىاللهعليهوسلم بأنه ستنبسط نبوته ودعوته وتنفذ كلمته من البحر إلى البحر ، وتأتيه الملوك من سائر الأقطار طائعين بالقرابين والهدايا ، وأنه يخلص المضطر ، ويكشف الضر عن الأمم ، وينقذ الضعيف الّذي لا ناصر له ، ويصلى عليه فى كل وقت ، ويبارك الله عليه فى كل يوم ، ويدوم ذكره إلى الأبد. وهذا إنما ينطبق على محمد صلىاللهعليهوسلم ، وفى صحف شعيا فى كلام طويل فيه معاتبة لبنى إسرائيل ، وفيه فإنى أبعث إليكم وإلى الأمم نبيا أميا ليس بفظ ولا غليظ القلب ولا سخاب فى الأسواق ، أسدده لكل جميل ، وأهب له كل خلق كريم ، ثم أجعل السكينة لباسه ، والبر شعاره ، والتقوى فى ضميره ، والحكمة معقولة ، والوفاء طبيعته ، والعدل سيرته ، والحق شريعته ، والهدى ملته ، والإسلام دينه ، والقرآن كتابه ، أحمد اسمه ، أهدى به من الضلالة ، وأرفع به بعد الخمالة ، وأجمع به بعد الفرقة ، وأؤلف به بين القلوب المختلفة ، وأجعل أمته خير أمة أخرجت للناس ، قرابينهم دماؤهم ، أناجيلهم فى صدورهم ، رهبانا بالليل ، ليوثا بالنهار (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢١)) (٣) وفى الفصل الخامس من كلام شعيا : يدوس الأمم كدوس البيادر ، وينزل البلاء بمشركى العرب ، وينهزمون قدامه ، وفى الفصل السادس والعشرين منه : ليفرح أرض البادية العطشى ، ويعطى أحمد محاسن لبنان ، ويرون جلال الله بمهجته ، وفى صحف إلياس عليهالسلام : أنه خرج مع جماعة من أصحابه سائحا ، فلما رأى العرب بأرض الحجاز قال لمن معه : انظروا إلى
__________________
(١) أخرجه أحمد في مسنده (٣ / ٣٦١) ، والبخاري في كتاب المناقب (٣٥٣٤) (١٠ / ٣٨١).
(٢) سورة الأحزاب ، الآية : ٤٠.
(٣) سورة الحديد ، الآية : ٢١.