باب
المسائل التى سئل عنها رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأجاب عنها بما
يطابق الحق الموافق لها في الكتب الموروثة عن الأنبياء
قد ذكرنا فى أول البعثة ما تعنتت به قريش وبعثت إلى يهود المدينة يسألونهم عن أشياء يسألون عنها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقالوا : سلوه عن الروح ، وعن أقوام ذهبوا فى الدهر فلا يدرى ما صنعوا ، وعن رجل طواف فى الأرض بلغ المشارق والمغارب ، فلما رجعوا سألوا عن ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأنزل الله عزوجل قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً (٨٥)) (١) وأنزل سورة الكهف يشرح فيها خبر الفتية الذين فارقوا دين قومهم وآمنوا بالله العزيز الحميد ، وأفردوه بالعبادة ، واعتزلوا قومهم ، ونزلوا غارا وهو الكهف ، فناموا فيه ، ثم أيقظهم الله بعد ثلاثمائة سنة وتسع سنين ، وكان من أمرهم ما قص الله علينا فى كتابه العزيز ، ثم قص خبر الرجلين المؤمن والكافر ، وما كان من أمرهما.
ثم ذكر خبر موسى والخضر وما جرى لهما من الحكم والمواعظ ، ثم قال : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً (٨٣)) (٢) ، ثم شرح ، ثم ذكر خبره وما وصل إليه من المشارق والمغارب ، وما عمل من المصالح فى العالم ، وهذا الإخبار هو الواقع فى الواقع ، وإنما يوافقه من الكتب التى بأيدى أهل الكتاب ، ما كان منها حقا ، وأما ما كان محرفا مبدلا فذاك مردود ، فإن الله بعث محمدا بالحق وأنزل عليه الكتاب ليبين للناس
__________________
(١) سورة الإسراء ، الآية : ٨٥.
(٢) سورة الكهف ، الآية : ٨٣.