باب
ما أخبر به صلىاللهعليهوسلم من الكائنات المستقبلة فى حياته وبعده
وهذا باب عظيم لا يمكن استقصاء جميع ما فيه لكثرتها ، ولكن نحن نشير إلى طرف منها وبالله المستعان ، وعليه التكلان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم ، وذلك منتزع من القرآن ومن الأحاديث ، أما القرآن فقال تعالى فى سورة المزمل : ـ وهى من أوائل ما نزل بمكة ـ (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) (١) ومعلوم أن الجهاد لم يشرع إلا بالمدينة بعد الهجرة. وقال تعالى فى سورة اقترب : ـ وهى مكية ـ (أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (٤٤) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥)) (٢) ووقع هذا يوم بدر ، وقد تلاها رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو خارج من العريش ورماهم بقبضة من الحصباء فكان النصر والظفر ، وهذا مصداق ذاك ، وقال تعالى : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ (٢) سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ (٣) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤) فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥)) (٣) فأخبر أن عمه عبد العزى بن عبد المطلب الملقب بأبى لهب سيدخل النار هو وامرأته ، فقدر الله عزوجل أنهما ماتا على شركهما لم يسلما ، حتى ولا ظاهرا ، وهذا من دلائل النبوة الباهرة ، وقال تعالى : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (٨٨)) (٤) وقال تعالى فى سورة البقرة : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ
__________________
(١) سورة المزمل ، الآية : ٢٠.
(٢) سورة القمر ، الآيتان : ٤٤ ـ ٤٥.
(٣) سورة المسد بكاملها.
(٤) سورة الإسراء ، الآية : ٨٨.