كتاب دلائل النبوة
وهى معنوية وحسية
فمن المعنوية إنزال القرآن عليه ، وهو أعظم المعجزات ، وأبهر الآيات ، وأبين الحجج الواضحات ، لما اشتمل عليه من التركيب المعجز الّذي تحدى به الإنس والجن أن يأتوا بمثله فعجزوا عن ذلك ، مع توافر دواعى أعدائه على معارضته. وفصاحتهم وبلاغتهم ، ثم تحداهم بعشر سور منه فعجزوا ، ثم تنازل إلى التحدى بسورة من مثله ، فعجزوا عنه وهم يعلمون عجزهم وتقصيرهم عن ذلك ، وأن هذا ما لا سبيل لأحد إليه أبدا ، قال الله تعالى : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (٨٨)) (١) وهذه الآية مكية وقال فى سورة الطور وهى مكية : (أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ (٣٣) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (٣٤)) (٢) أى إن كنتم صادقين فى أنه قاله من عنده فهو بشر مثلكم فأتوا بمثل ما جاء به فإنكم مثله.
وقال تعالى فى سورة البقرة وهى مدينة ـ معيدا للتحدى : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٣) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (٢٤)) (٣). وقال تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا
__________________
(١) سورة الإسراء ، الآية : ٨٨.
(٢) سورة الطور ، الآيتان : ٣٣ ، ٣٤.
(٣) سورة البقرة ، الآيتان : ٢٣ ، ٢٤.