قصة المباهلة
وقد ذكرنا فى التفسير عن قوله تعالى فى سورة البقرة (قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٩٤) وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٩٥)) (١) ومثلها فى سورة الجمعة وهى قوله : (قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٦) وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٧)) (٢) وذكرنا أقوال المفسرين فى ذلك وأن الصواب أنه دعاهم إلى المباهلة وأن يدعو بالموت على المبطل منهم أو المسلمين ، فنكلوا عن ذلك لعلمهم بظلم أنفسهم ، وأن الدعوة تنقلب عليهم ، ويعود وبالها إليهم ، وهكذا دعا النصارى من أهل نجران حين حاجوه فى عيسى بن مريم ، فأمره الله أن يدعوهم إلى المباهلة فى قوله : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ (٦١)) (٣) وهكذا دعا على المشركين على وجه المباهلة فى قوله (قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا) (٤) وقد بسطنا القول فى ذلك عند هذه الآيات فى كتابنا التفسير بما فيه كفاية ولله الحمد والمنة.
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ٩٤ ـ ٩٥.
(٢) سورة الجمعة ، الآية : ٦ ـ ٧.
(٣) سورة آل عمران ، الآية : ٦١.
(٤) سورة مريم ، الآية : ٧٥.