فقعد رسول الله على شفا الركية فإما دعا وإما بصق فيها قال : فجاشت فسقينا واستقينا ، وفى صحيح البخارى من حديث الزهرى عن عروة عن المسور ومروان ابن الحكم فى حديث صلح الحديبية الطويل فعدل عنهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء يتبرضه تبرضا (١) فلم يلبثه الناس حتى نزحوه (٢) وشكا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم العطش فانتزع سهما من كنانته ثم أمرهم أن يجعلوه فيه فو الله ما زال يجيش لهم بالرى حتى صدروا عنه ، وقد تقدم الحديث بتمامه فى صلح الحديبية ، فأغنى عن إعادته ، وروى ابن إسحاق عن بعضهم أن الّذي نزل بالسهم ناجية بن جندب سائق البدن ، قال وقيل : البراء بن عازب. ثم رجح ابن إسحاق الأول.
حديث آخر عن ابن عباس في ذلك
قال الإمام أحمد : حدثنا حسين الأشقر ، حدثنا أبو كدينة عن عطاء عن أبى الضحى عن ابن عباس : أصبح رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذات يوم وليس فى العسكر ماء فأتاه رجل فقال : يا رسول الله ليس فى العسكر ماء ، قال : هل عندك شيء؟ قال : نعم ، قال : فأتنى ، قال : فأتاه بإناء فيه شيء من ماء قليل ، قال : فجعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم أصابعه فى فم الإناء وفتح أصابعه ، قال فانفجرت من بين أصابعه عيون وأمر بلالا فقال : ناد فى الناس الوضوء المبارك (٣) ، تفرد به أحمد ، ورواه الطبرانى من حديث عامر الشعبى عن ابن عباس بنحوه.
حديث عن عبد الله بن مسعود في ذلك
قال البخارى : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا أبو أحمد الزبيرى ، حدثنا إسرائيل عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال : كنا نعد الآيات بركة وأنتم تعدونها تخويفا ، كنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى سفر فقل الماء فقال :
__________________
(١) يتبرضه تبرضا : يتبلغ بالقليل منه.
(٢) نزحوه : انفدوه.
(٣) أحمد في مسنده (١ / ٢٥١).