وان قلت : ما زيد منطلقا أبو عمرو وأبو عمرو أبوه لم يجز لانّك لم تعرّفه به ولم تذكر له إضمارا ولا إظهارا فيه فهذا لا يجوز لانّك لم تجعل له فيه سببا ، وتقول ما أبو زينب ذاهبا ولا مقيمة أمّها ترفع لانك لو قلت ما أبو زينب مقيمة أمّها لم يجز لأنها ليست من سببه وانما عملت ما فيه لا في زينب ، ومثل ذلك قول الاعور الشّنّىّ : [متقارب]
(١) هوّن عليك فانّ الأمور |
|
بكفّ الاله مقاديرها |
فليس بآتيك منهيّها |
|
ولا قاصر عنك مأمورها |
__________________
(٤٦) استشهد بالبيت الاخير من البيتين على جواز النصب في الخبر المعطوف على خبر ليس وان كان الآخر أجنبيا لأن ليس تعمل في الخبر مقدما ومؤخرا لقوتها ، وذكر أن الجر عائد في البيت على أن يجعل الآخر من سبب الأول لأنه أخبر أولا عن المنهي فقال ليس بآتيك منهيها ثم أخبر آخرا عن المأمور وأضافه الى ضمير الاوّل والمنهى من الأمور فكأن الضمير الذي اضيف اليه المأمور عائد عليه لان بعض الأمور أمور وجعله بمنزلة قول جرير : * اذا بعض السنين تعرقتنا* وقدم تفسيره وكذلك تأويل بيت النابغة الجعدى وهو قوله :
فليس بمعروف لنا أن نردّها |
|
صحاحا ولا مستنكر أن تعقرا |
فرد قوله ولا مستنكر على قوله بمعروف وجعل الآخر من سبب الأول لان الرد ملتبس بالخيل وكأنه منها والعقر متصل بضميرها فكأنه اتصل بضمير الرد حيث كان من الخيل كما كان المر من الرياح النواسم ، وقد مر تفسيره فتقدير البيت الأول عند سيبويه فليس بآتيك الامور منهيها ولا قاصر عنك مأمورها وتقدير الآخر فليس بمعروفة خيلنا ردها صحاحا ولا مستنكر عقرها لما ذكرنا من التباس المنهى بالامور فكأنه الامور والتباس الرد بالخيل فكأنه الخيل وقد رد عليه ما تأول في البيتين وابطل جواز الجر الذي أجازه سماعا من العرب فقال وقد جر بعضهم ، والرد عليه في تأويله صحيح والرد على العرب من الاعتداء ، وأشد التعسف والاجتراء وسأ بين صحة القياس فيما أجازته العرب من ذلك وغفلة سيبويه في تأويله وما لحقه فيه من السهو الموكل بالبشر على أني قد استقصيت القول فيما تأوله هو وغيره في البيتين في كتاب النكت فأقول ان العرب تجيز في الدار زيد والحجرة عمرو ، وان في الدار زيدا والحجرة عمرا وليس بقائم زيد ولا خارج عمرو ، ولا تجيز زيد في الدار والحجرة عمرو ، ولا ان زيدا في الدار والحجرة عمرا ، ولا ليس زيد بقائم ولا خارج عمرو ، والفرق بين الكلامين انك اذا قلت في الدار –